المتحاذيتين للبصر مع اختلافهما في القرب والبعد نرى الأخرى اثنين.
وكقولهم إذا نظرنا إلى الماء عند طلوع القمر فانا نرى في الماء قمرا بالشعاع النافذ فيه وفي السماء قمرا بالشعاع المنعكس من سطح الماء.
هكذا نقل بعض العلماء عنهم وفيه ما لا يخفى (1) من النظر والأولى ان نرى (2) قمرا في السماء بالشعاع النافذ إلى السماء بالاستقامة ونرى قمرا في الماء بالشعاع المنعكس من سطح الماء إلى السماء نعم هاهنا شئ آخر وهو انا قد نرى في الماء المقتصد في اللون ثلاثة أقمار أحدها في السماء بالشعاع النافذ إليه مستقيما بلا واسطه، والثاني والثالث في الماء أحدهما يرى بالشعاع المنعكس إلى القمر من سطح الماء الظاهر، والاخر يرى بالشعاع النافذ فيه المنعكس من سطحه المقعر إلى القمر ومن هذا القبيل رؤية الشئ اثنين عند توسط المرآة على وضع خاص بيننا وبينه إحداهما بالاستقامة والأخرى بالشعاع الممتد من الباصرة إلى سطح الجسم الصقيل المنعكس منه إلى جسم آخر وضعه من ذلك الصقيل كوضع الباصرة منه.
وكقولهم ان السبب في رؤية الشجر على شاطئ النهر منكوسا ان الشعاع إذا وقع على سطح الماء ينعكس منه إلى رأس الشجرة من موضع أقرب إلى الرائي، والى أسفله من موضع أبعد منه إلى أن يتصل قاعدة الشجرة بقاعدة عكسها والنفس لا تدرك الانعكاس لتعودها برؤية الأشياء على استقامة الشعاع فيحسب الشعاع المنعكس نافذا في الماء فيرى رأس الشجر أكثر نزولا في الماء لكونه أبعد منه وباقي اجزائه على الترتيب إلى قاعدة الشجرة فيراها منكسا وبيان هذه الأمور ونظائرها على التحقيق في علم المناظر