يتقدر بشئ وان لا يتقدر بان يكون ذاته في ذاته بحيث لا يكون متقدرا ولا لا متقدرا بل يقبل كلا من الامرين من خارج وذلك كالهيولي التي نسبتها إلى جميع المقادير على السواء وكذا نسبتها في ذاتها لان يتكمم وان لا يتكمم على السواء لأنها مبهمة الذات غير متحصلة وذلك بخلاف ما إذا تحصل شئ بأنه لا مقدار له كالنقطة أصلا أو بان له مقدارا من جهة كالخط أو بان له مقدارا صغيرا كالخردلة فاستحال للنقطة ان يقبل مقدارا مطلقا وللخط ان يقبل مقدارا سطحيا أو جسميا وللخردلة ان يقبل مقدارا عظيما وليس بمستحيل للهيولي ان يقبل المقادير كلها.
الحجة الثانية ان الابصار لو كان بالانطباع لما كنا نفرق بين القريب والبعيد فان المبصر إذا كان هو الشبح المنطبع في العين فذلك الشبح لا يختلف حاله بان يرتسم من شئ بعيد أو شئ قريب كما أن الجسمين إذا حضر عند الرائي أحدهما من مكان قريب والاخر من مكان بعيد فالرائي لا يعرف من حيث الابصار ان أحدهما من مكان قريب والاخر من مكان بعيد لكن الاحساس بالقرب والبعد حاصل فيبطل الانطباع.
والجواب بأنه لم لا يجوز ان ينطبع في الرائي صور المسافات الطويلة والقصيرة؟
فلا جرم صح منه ان يدركها.
الحجة الثالثة ان الرطوبة الجليدية ان كانت غير ملونة وجب (1) ان لا يتشبح بالاشكال والألوان كالهواء وان كانت ملونة لزم محالان:
أحدهما ان يختلط لون المرئي. بلونها فلا يحصل الاحساس بلون المرئي.
وثانيهما ان لا يتأدى الشكل واللون الحاصل في سطحه إلى ما ورائها من ملتقى العصبتين كما في الجسم الملون إذا انطبع على سطحه شكل وصوره فإنه لم يتأد إلى ما ورائه.
الحجة الرابعة ان المبصرات لو انطبعت في الجليدية لكان يمكننا ان نحس تلك