محوضة الفعلية وصرافة القوة لم يمنع المادة عن قبول صوره أخرى فوقها فالأول كما في العناصر حين بساطتها فالنار الصرف لا تقبل صوره النبات والحيوان وكذا الأرض والماء والهواء وأما إذا انكسرت كيفياتها وضعفت سوره صورتها استعدت المادة لقبول صوره أخرى فعلى هذا القياس القوة الغاذية (1) التي في النبات لشدة فعليتها منعت عن قبول الحيوانية بخلاف الغاذية التي في الحيوان فإنها لضعفها تقبل قوه أخرى فوقها.
وكذلك الانسان لما كان ضعيف الحيوانية كما قال تعالى خلق الانسان ضعيفا) صارت حيوانيته خميره لفطرة أخرى ومادة قابله لنشأة ثانيه باقيه.
واما بيان الخلط والالتباس فقد (2) علمت أن القوة الحيوانية ليست الا مبدء الحس وحركه فان الحياة الحيوانية تنوط بمبدء هذين الاثرين فإذا لم يكن مبدؤهما موجودا في العضو المفلوج بل قد بطل وانفسخ فكيف يحكم (3) بان القوة الحيوانية موجودة فيه مع بطلان هاتين القوتين فالحق ان الموجود في العضو المفلوج من القوى النفسانية هي قوه التغذية ومن الأرواح هي الروح الطبيعي الذي يسرى من الكبد إلى سائر الأعضاء.