الباب الرابع من علم النفس في أحوال القوى المختصة بالنفوس الحيوانية التي منها مبادئ الادراكات الظاهرة ومنها مبادئ الادراكات الباطنة وهي أشد قربا من عالم الملكوت (1) ومنها مبادئ الحركات الإرادية وهي انزل درجه من مبادئ الادراكات جمله وفيه فصول:
فصل (1) في الإشارة إلى تلك القوى ومنفعه كل منها على الاجمال اعلم أن الله لما خلق من المواد الأرضية جوهر النبات الذي هو أكمل وجودا من العناصر والحجر والمدر ومن الجواهر المعدنية كالحديد والنحاس وغيرهما لأنه خلق فيه قوه تجذب الغذاء من جهة أصله وعروقه التي في الأرض واعد له آلات وقوى هي خوادم له اما القوى فقد مر ذكرها واما الآلات فهي العروق الدقيقة التي تراها في كل ورقه يغلظ أصولها ثم ينشعب ولا يزال يستدق إلى عروق شعرية تنبسط في اجزاء الورقة حتى تغيب عن البصر لكن لما كان النبات مع هذا الكمال الذي يفوق به على العناصر والمعدنيات ناقص الخلقة غير تام الوجود ولا مستقلا في وجوده فإنه لو أعوزه غذاء يساق إليه ويماس أصله جف ويبس وفسد ولم يمكنه طلب الغذاء من موضع آخر فان الطلب انما يكون بمعرفة المطلب وبالانتقال إليه وبقدر الطلب يكون المعرفة وعلى قدر المعرفة يمكن الانتقال إلى المعروف به والنبات عاجز عن ذلك فلو كانت فيه معرفه الطلب لكان معطلا وجودها فيه والله سبحانه اجل من أن يخلق أمرا معطلا والبرهان قائم على أن لا معطل في الكون ولو فرض شعور في النبات