ويرد على كلامه أمور:
1 - إن الأولى هو توجيه بعض اعتراضاته مثل قوله: (إذا كانت مسألة ضرب الزهراء عليها السلام مسألة على حد فدك فلماذا احتجت الزهراء على أبي بكر بمصادرتها ولم تحتج بضربها) إلى صاحبه، فقد أوردنا قبل قليل كلامه في إحدى ندواته بدمشق حيث صرح فيه بأن الزهراء عليها السلام لم تذكر آلامها لان القضية الأهم هي غصب الحق، وغصب فدك يعني غصب الحق وهو يلتقي مع غصب الخلافة، وقال أيضا بتاريخ 21 شعبان 1414 ه: (كانت الزهراء لا تفكر في جسدها، كيف تألم من خلال عضو هنا وعضو هناك، كانت تفكر أن تحدث المسلمين عن الرسالة، أن تحدثهم عن حق علي في الخلافة على أساس أن عليا يمثل الامتداد الحي الصحيح المستقيم للاسلام، وعندما حدثتهم عن فدك وعن حقها في فدك لم تحدثهم عن مال تطمع فيه ولكنها جعلت فدكا رمزا للقضية، ورمزا للرسالة كما جعلها أبناؤها الأئمة من قبل عندما حدثهم بعض الخلفاء أن يرجعوا إليهم فدك فقالوا: إن فدكا تمثل الساحة الاسلامية كلها، فدك لا تمثل أرضا ولكنها تمثل شرعية الحكم الاسلامي) (1).
2 - إن كون الزهراء في صميم النزاع في مسألة الخلافة وكذلك قضية فدك لما لها من الارتباط بالخلافة وما استتبع ذلك من الاعتداء عليها لا يعني أن ترتكب الزهراء سلوكا معينا يستفيد منه العدو ليصور نزاعها معهم في جميع قضايا على أنها مسألة شخصية، وهنا تكمن السفسطة التي ارتكبها المؤلف حيث خلط بين واقع النزاع وبين ما يستفيد منه العدو في تحويل واقع النزاع إلى ظاهر آخر يوحي بأن النزاع شخصي.
3 - ثم إن هناك فرقا بين الاحتجاج بالضرب والاحتجاج بفدك في تصوير النزاع شخصيا، فإن الاحتجاج بالضرب لن يغير من الواقع شيئا، فإن من أساء إلى بنت النبي صلى الله عليه وآله - وهذا مما لا يناقش فيه (فضل الله) ومؤلف الهوامش - أمام المسلمين من غير تغيير منهم، لن يتأثر من الاعتراض عليه بالضرب، وهو شكل من أشكال الإساءة، كما أن الاحتجاج بالضرب لن يقدم معلومة جديدة، فالكل قد علم بذلك، أما غرض الزهراء عليها السلام من المطالبة بفدك هو التوصل من خلال قبول الشهادة بملكيتها لفدك إلى قبول الشهادة باستحقاق أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة أو بالاستفادة من الأموال الحاصلة من فدك في دعم موقع الامام علي عليه السلام، وهي وإن لم تنجح في تحقيق هذا الغرض فإنها على الأقل تكون قد أقامت الحجة والدليل من خلال ما استندت إليه من آيات وروايات وأصول مسلمة، وهذا ما حفظه لنا التاريخ عبر خطبة فدك وبعض الاحتجاجات الأخرى.
ومن الغريب أن مؤلف الهوامش اعتمد في تصوير الاشكال على أساس أن فدك مسألة مال وأملاك، وهذا ما يخالف الحقيقة ويتعارض أيضا مع رأي صاحبه.