مانعا من الرجوع من قول قبيح ولا فعل بل خلفت الوسائل المرعية والآثار الخالدة والسير الجميلة وانصرفت بقصد شريف فقت به أشياخي وكبار وطني وأهل طوري وتركتكم على أتم ما أرضاه مثنيا عليكم داعيا لكم وان فسح الله في الأمد وقضى الحاجة فأملى العودة إلى ولدى وتربتي وان قطع الاجل فأرجو ان أكون ممن وقع أجره على الله فان تصرفي صوابا وجار يا علي السداد فلا يلام من أصاب وان كان عن حمق وفساد عقل فلا يلام من اختل عقله وفسد مزاجه بل يعذر ويشفق عليه ويرحم وإن لم يعط مولاي أمرى حقه من العدل وجليت الذنوب ونشرت بعدي العيوب فحياؤه وتناصفه ينكر ذلك ويستحضر الحساب من التربية والتعليم وخدمة السلف وتخليد الآثار وتسمية الولد وتلقيب السلطان والارشاد إلى الأعمال الصالحة والمداخلة والملابسة لم يتخلل ذلك قط خيانة في مال ولا سر ولا غش في تدبير ولا تعلق به محار ولا كدره نقص ولا حمل عليه خوف منكم ولا طمع فيما بيدكم وإن لم تكن هذه دواعي الرعي والوصلة والابقاء ففيم تكون بين بنى آدم وأنا قد رحلت فلا أوصيتكم بمال فهو عندي أهون متروك ولا بولد فهم رجالكم وخدامكم ومن يحرص مثلكم على الاستكثار منهم ولا بعيال فهي من مزايات بيتكم وخواص داركم انما أوصيكم بتقوى الله والعمل لغد وقبض عنان اللهو في موطن الجد والحياء من الله الذي محص وأقال وأعاد النعمة بعد زوالها لينظر كيف تعملون وأطلب منكم عوض ما وفرته عليكم من زاد طريق ومكافاة وإعانة زادا سهلا عليكم وهو أن تقولوا لي غفر الله لك ما ضيعت من حقي خطأ أو عمدا وإذا فعلتم ذلك فقد رضيت واعلموا أيضا على جهة النصيحة ان ابن الخطيب مشهور في كل قطر وعند كل ملك واعتقاده وبره والسؤال عنه وذكره بالجميل والاذن في زيارته حنانة منكم وسعه درع ودها فإنما كان ابن الخطيب بوطنكم سحابة رحمة نزلت ثم أقشعت وترك الا زاهر تفوح والمحاسن تلوح ومثاله معكم مثل المرضعة أرضعت السياسة والتدبير الميمون ثم رفدتكم في مهد الصلح والأمان وغطتكم بقناع العافية وانصرفت إلى الحمام تغسل اللبن والوضر وتعود فان وجدت الرضيع فحسن أوقد انتبه فلم تتركه الا في حد الانفصام ونختم هذه العزارة بالحلف الأكيد أنى ما تركت لكم وجه نصيحة في دين ولا في دنيا الا وقد وفيت لكم ولا فارقتكم إلا عن عجز ومن ظن خلاف هذا فقد ظلمني وظلمكم والله يرشدكم ويتولى أمركم ويعول خاطركم في ركوب البحر انتهت نسخة الكتاب وفى طيها هذه الأبيات صاب مزن الدموع من جفن صبك * عند ما استروح الصبا من مهبك كيف يسلو يا جنتي عنك وقد * كان قبل الوجود جن بحبك
(٤٣٨)