في قفره ضاحيا عاريا إلى أن حصلت إلى العمران ولحقت بأصحابي بجبل دبدوا ووقع في خلال ذلك من الالطاف مالا يعبر عنه ولا يسع الوفاء بشكره ثم سرنا إلى فاس ووفدت على الوزير أبى بكر وابن عمه محمد بن عثمان بفاس في جمادى من السنة وكان لي معه قديم صحبة واختصاص منذ نزع معي إلى السلطان أبى سالم بجبل الصفيحة عند اجازته من الأندلس لطلب ملكه كما مر في غير موضع من الكتاب فلقيني من بر الوزير وكرامته وتوفير جرايته واقطاعه فوق ما احتسب وأقمت بمكاني من دولتهم أثير المحل ثابت الرتبة عظيم الجاه منوه المجلس عند السلطان ثم انصرم فصل الشتاء وحدث بين الوزير أبى بكر بن غازي وبين السلطان ابن الأحمر منافرة بسبب ابن الخطيب وما دعا إليه ابن الأحمر من ابعاده عنهم وأنف الوزير من ذلك فأظلم الجو بينهما وأخذ الوزير في تجهيز بعض القرابة من بنى الأحمر ليشغله به ونزع ابن الأحمر إلى اطلاق عبد الرحمن بن أبي يفلوسن من ولد السلطان أبى على والوزير مسعود بن رحو بن ماسى كان حبسهما أيام السلطان عبد العزيز وأشار بذلك ابن الخطيب حين كان في وزارتهما بالأندلس فأطلقهما الآن وبعثهما لطلب الملك بالمغرب وأجازهما في الأسطول إلى سواحل عساسة فنزلوا بها ولحقوا بقبائل بطوية هنالك فاشتملوا عليهم وقاموا بدعوة الأمير عبد الرحمن ونهض ابن الأحمر من غرناطة في عساكر الأندلس فنزل على جبل الفتح فحاصره وبلغت الاخبار بذلك إلى الوزير أبى بكر بن غازي القائم بدعوة بنى مرين فوجه لحينه ابن عمه محمد بن عثمان بن الكاس إلى سبتة لامداد الحامية الذين لهم بالجبل ونهض هو في العساكر إلى بطوية لقتال الأمير عبد الرحمن فوجده قد ملك تازا فأقام عليها يحاصره وكان السلطان عبد العزيز قد جمع شبابا من بنى أبيه المرشحين فحبسهم بطنجة فلما وافى محمد بن الكاس سبتة وقعت المراسلة بينه وبين ابن الأحمر وعتب كل منهما صاحبه على ما كان منه واشتد عذل ابن الأحمر على اخلائهم الكرسي من كفئه ونصبهم السعيد بن عبد العزيز صبيا لم يثغر فاستعتب له محمد واستقال من ذلك فحمله ابن الأحمر على أن يبايع لاحد الأبناء المحبوسين بطنجة وقد كان الوزير أبو بكر أوصاه أيضا بأنه ان تضايق عليه الامر من الأمير عبد الرحمن يفرج عنه بالبيعة لاحد أولئك الأبناء وكان محمد بن الكاس قد استوزره السلطان أبو سالم لابنه أحمد أيام ملكه فبادر من وقته إلى طنجة وأخرج السلطان أحمد بن السلطان أبى سالم من محبسه وبايع له وسار به إلى سبتة وكتب لابن الأحمر يعرفه بذلك ويطلب منه المدد على أن ينزل له عن جبل الفتح فأمده بما شاء من المال والعسكر واستولى على جبل الفتح وشحنه بحاميته وكان أحمد بن السلطان أبى سالم قد تعاهد مع بنى أبيه في محبسهم على أن من
(٤٤١)