أبو عبد الله ابن السلطان أبى يحيى بقسنطينة سنة أربعين وخلف سبعة من الأولاد كبيرهم أبو زيد عبد الرحمن ثم أبو العباس أحمد فولى الأمير أبو زيد مكان أبيه في كفالة نبيل مولاهم ثم توفى الأمير أبو زكريا ببجاية سنة ست وأربعين وخلف ثلاثة من الأولاد كبيرهم أبو عبد الله محمد وبعث السلطان أبو بكر ابنه الأمير ابا حفص عليها فمال أهل بجاية إلى الأمير أبى عبد الله بن زكريا وانحرفوا عن الأمير عمرو أخرجوه وبادر السلطان فرقع هذا الخرق بولاية أبى عبد الله عليهم كما طلبوه ثم توفى السلطان أبو بكر منتصف سبع وأربعين وزحف أبو الحسن إلى إفريقية فملكها ونقل الأمراء من بجاية وقسنطينة إلى المغرب وأقطع لهم هنالك إلى أن كانت حادثة القيروان وخلع السلطان أبو عنان أباه وارتحل من تلمسان إلى فاس فنقل معه هؤلاء الأمراء أهل بجاية وقسنطينة وخلطهم بنفسه وبالغ في تكرمتهم ثم صرفهم إلى ثغورهم الأمير أبا عبد الله أولا واخوته من تلمسان وأبا زيد واخوته من فاس ليستبدوا بثغورهم ويخذلوا الناس عن السلطان أبى الحسن فوصلوا إلى بلادهم وملكوها بعد أن كان الفضل ابن السلطان أبى بكر قد استولى عليها من يد بنى مرين فانتزعوها منه واستقر أبو عبد الله ببجاية حتى إذا هلك السلطان أبو الحسن بجبال المصامدة وزحف أبو عنان إلى تلمسان سنة ثلاث وخمسين فهزم ملوكها من بنى عبد الواد وأبادهم ونزل المرية وأطل على بجاية وبادر الأمير أبو عبد الله للقائه وشكا إليه ما يلقاه من زبون الجند والعرب وقلة الجباية وخرج له عن ثغر بجاية فملكها وأنزل عماله بها ونقل الأمير أبا عبد الله معه إلى المغرب فلم يزل عنده في كفاية وكرامة ولما قدمت على السلطان أبى عنان سنة خمس وخمسين واستخلصني منه نبضت عروق السابق بين سلفي وسلف الأمير أبى عبد الله واستدعاني لصحابته فأسرعت وكان السلطان أبو عنان شديد الغيرة من مثل ذلك ثم كثر المنافسون ورفعوا إلى السلطان وقد طرقه مرض أرجف له الناس فرفعوا له أن الأمير أبا عبد الله اعتزم على الفرار إلى بجاية انى عاقدته على ذلك على أن يوليني حجابته فانبعث له السلطان وسطا بنا واعتقلني نحوا من سنتين إلى أن هلك وجاء السلطان أبو سالم واستولى على المغرب ووليت كتابة سره ثم نهض إلى تلمسان وملكها من يد بنى عبد الواد وأخرج منها أبا حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يغمراسن ثم اعتزم على الرجوع إلى فاس وولى على تلمسان أبا زيان محمد بن أبي سعيد عثمان ابن السلطان أبى تاشفين وأمده بالأموال والعساكر من أهل وطنه ليدافع أيا حمو عن تلمسان ويكون خالصة له وكان الأمير أبو عبد الله صاحب بجاية كما ذكرناه والأمير أبو العباس صاحب قسنطينة بعد أن كان بنو مرين حاصروا أخاه أبا زيد بقسنطينة
(٤١٧)