عليه فقابلني بما يناسب ذلك وخلع وانصرفت وخرج الوزير ابن الخطيب فشيعني إلى مكان نزلي ثم نظمني في علية أهل مجلسه واختصني بالنجاء في خلوته والمراكبة في ركوبه والمواكلة والمفاكهة في خلوات أنسه وأقمت عنده وسفرت عنه سنة خمس وستين إلى الطاغية ملك قشتالة يومئذ بطرة بن الهنشة بن ادفونش لاتمام عقد الصلح ما بينه وبين ملوك العدوة بهدية فاخرة من ثياب الحرير والجياد والمقربات بمراكب الذهب الثقيلة فلقيت الطاغية بإشبيلية وعاينت آثار سلفي بها وعاملني من الكرامة بما لا مزيد عليه وأظهر الاغتباط بمكاني وعلم أولية سلفنا بإشبيلية وأثنى على عنده طبيبه إبراهيم ابن زرور اليهودي المقدم في الطب والنجامة وكان لقيني بمجلس السلطان أبى عنان وقد استدعاه يستطبه وهو يومئذ بدار ابن الأحمر بالأندلس ثم نزع بعد مهلك رضوان بن القائم بدولتهم إلى الطاغية فأقام عنده ونظمه في أطبائه فلما قدمت أنا عليه أثنى على عنده فطلب الطاغية حينئذ المقام عنده وان يرد على تراث سلفي بإشبيلية وكان بيد زعماء دولته فتفاديت من ذلك بما قبله ولم يزل على اغتباطه إلى أن انصرفت عنه فزودني وحملني واختصني ببغلة فارهة بمركب ثقيل ولجام ذهبيين أهديتهما إلى السلطان فأقطعني قرية البيرة من أراضي السقي بمرج غرناطة وكتب لي بها منشورا كان نصبه؟؟
ثم حضرت ليلة المولد النبوي لخامسة وكان يحتفل في الصنيع فيها والدعوة وانشاد الشعر اقتداء بملوك المغرب فأنشدته ليلتئذ حتى المعاهد كانت قبل تحييني * بواكف الدمع يرميها وتضميني ان الأولى نزحت داري ودارهم * تحملوا القلب في آثارهم دوني وقفت أنشد صبر أضاع بعدهم * فيهم وأسأل رسما لا يناجيني أمثل الربع من شوقي فألثمه * وكيف والفكر يدنيه ويقصيني وينهب الوجد منى كل لؤلؤة * ما زال قلبي عليها غير مأمون سقت جفوني مغاني الربع بعدهم * بالدمع وقف على أطلاله الجوني قد كان للقلب عن داعى الهوى شغل * لو أن قلبي إلى السلوان يدعوني