وكان يستظهر على عهده بكتاب أبيه وما أودعه السلطان بحاشيته من الوفاق على ذلك بخطه واقتضاه منه حاجبه أبو القاسم بن عتو في سفارته إليه فامتعض السلطان لما أضاع عمر من عهد أبيه وهدر من دم أخيه وارتكب مذاهب العقوق فيهم وخرق السياج الذي فرضه بخطه عليهم فأجمع الحركة إلى إفريقية ولحق به خالد بن حمزة بن عمر نازعا إليه ومستعدا مسيره ففتح ديوان العطاء ونادى في الناس بالمسير إلى إفريقية وأزاح عللهم وكان صاحب بجاية المولى أبو عبد الله حافد مولانا الأمير أبى يحيى وفد على السلطان أبى الحسن اثر مهلك جده بقرب المآب بسفارة أبيه إليه ويطلب الاقرار على عمله فلما استيأس منه واستيقن حركته بنفسه إلى إفريقية طلب الرجوع إلى مكانه فأسعف وفصل إلى بجاية ولما قضى السلطان منسك الأضحى من سنة تسع وأربعين عقد لابنه الأمير أبى عنان على المغرب الأوسط وعهد إليه بالنظر في أموره كافة وجعل إليه جبايته وارتحل يريد إفريقية وسار في جملته هو وخالد بن حمزة أمير البدو ولما أحتل بوهران ووافاه هنالك وفد قسطيلة وبلاد الجريد يقدمهم أحمد بن مكي أمير حربه ورديف أخيه عبد الملك في امارته ويحيى بن محمد بن يملول أمير توزر سقط إليها بعد خروج الأمير أبى عمر العباس ولى العهد عنها ومهلكه بتونس وأحمد بن عامر بن العابد رئيس نفطة رجعا إليهما كذلك بعد مهلك ولى العهد فلقيه هؤلاء الرؤساء بوهران في ملا من وجوه بلادهم فأتوه بيعتهم وقضوا حق طاعته؟؟ محمد ابن ثابت أمير طرابلس عن اللحاق به فبعث بيعته معهم فأكرم وفدهم وعقد لهم على أمصارهم وصرفهم إلى أعمالهم وتمسك بأحمد بن مكي لصحابة ركابه وفى جملته وأغذ السير ولما احتل ببني حسن من أعمال بجاية وفاه بها منصور بن فضل بن مزنى أمير بسكرة وبلاد الزاب في وفد من أهل وطنه ويعقوب بن علي بن أحمد سيد الزواودة وأمير البدو بضاحية بجاية وقسنطينة فتلقاهم بالمبرة والاحتفاء وألزمهم ساقته وسرح بين يديه قائده حمو بن يحيى العسكري من صنائع أبيه فلما عسكر بساحة بجاية أبى أبو عبد الله وأبى عليه أهل البلد رهبة من السلطان ورغبة فيه وانفضوا من حوله ولحقت مشيختهم من القضاء وأهل الفتيا والشورى بمجلس السلطان وسابقهم إليه حاجبه فارح بن سيد الناس فأدى طاعته ورجعه إليه للخروج للقاء ركابه وارتحل حتى إذا أطلت راياته على البلد بادر المولى أبو عبد الله ولقيه بساحة البلد واعتذر عن تخلفه فتقبل عذره وأحله من البرور والتكرمة محل الولد العزيز وأقطعه عمل كومية من نواحي سنين وأسنى جرايته بتلمسان وأصحبه إلى ابنه أبى عنان صاحب المغرب الأوسط واستوصاه به ودخل بجاية فرفع عنهم الظلامات وحط عنهم الربع من المغارم ونظر في أحوال ثغورها
(٢٦٨)