بسيجوم إلى باب البلد يناهز ثلاثة أميال أو أربعة وركب بنو مرين إلى مراكزهم في جموعهم وتحت راياتهم وركب السلطان من فسطاطه وراكبه من على يمينه وليه عريف بن يحيى أمير زغبة ويليه أبو محمد عبد الله بن تافراكين ومن على يساره الأمير أبو عبد الله محمد أخو مولانا السلطان أبى يحيى ويليه الأمير أبو عبد الله ابن أخيه خالد كانا معتقلين بقسنطينة مع ولدهما منذ خروج أخيه الأمير أبى فارس فأطلقهم السلطان أبو الحسن وصحبوه إلى تونس فكانوا طرازا في ذلك الموكب فيمن لا يحصى من أعياص بنى مرين وكبرائهم وهدرت طبوله وخفقت راياته وكانت يومئذ مائه وجاءوا لمواكب تجتمع عليه صفا صفا إلى أن وصل إلى البلد وقد ماجت الأرض بالجيوش وكان يوما لم ير مثله فيما عقلناه ودخل السلطان إلى القصر وخلع على أبي محمد ابن تافراكين كسوته وقرب إليه فرسه بسرجه ولجامه وطعم الناس بين يديه وانتشروا ودخل السلطان مع أبي محمد بن تافراكين إلى حجر القصر ومساكن الخلفاء فطاف عليها ودخل منه إلى الرياض المتصلة به المدعوة برأس الطابية فطاف على بساتينه ؟؟ وأفضى منه إلى معسكره وأنزل يحيى بن سليمان بقصبة تونس في عسكر لحمايتها ووصل إليه فل الأمير أبى حفص والأسرى بقابس مقرنين في أصفادهم فأودعهم السجن بعد أن قطع أبا القاسم بن عتو وصخر بن موسى من خلاف لفتيا الفقهاء بحرابتهم وارتحل من الغد إلى القيروان فجال في نواحيها ووقف على آثار الأولين ومصانع الأقدمين والطلول الماثلة لصنهاجة والعبيديين وزار أجداث العلماء والصالحين ثم سار إلى المهدية ووقف على ساحل البحر ونظر في عاقبة الذين كانوا من قبل أشد قوة وآثارا في الأرض واعتبر بأحوالهم ومر في طريقة بقصر الاجم ورباط المنستير وانكفأ راجعا إلى تونس واحتل بها غرة رمضان وأنزل المسالح على ثغور إفريقية وأقطع بنى مرين البلاد والضواحي وأمضى اقطاعات الموحدين للعرب واستعمل على الجهات وسكن القصر وقد عظم الفتح وعظمت في الاستيلاء على الممالك والدول المنة واتصلت ممالكه ما بين مسراته والسوس الأقصى من هذه العدوة والى رندة من عدوة الأندلس والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتيقن * ودفع إليه الشعراء بتونس يهنؤونه بالفتح وكان سابقهم في تلك النوبة أبو القاسم الرحوي من ناشئة أهل الأدب فرفع إليه قوله أجابك شرق إذ دعوت ومغرب * فمكة هشت للقاء ويثرب وناداك مصر والعراق وشامه * بدارا فصدع الدين عندك يشعب وحيتك أو كادت تحيى منابر * عليها دعاء الحق باسمك تخطب
(٢٧٠)