وأحسوا بهم آخر ليلتهم فثاروا بهم من مراصدهم وأدركوا أعقابهم قبل دخول البلد فقتلوا منهم عددا ولبسوا على السلطان بأنه لم يدخل البلد سواهم حذرا من سطوته وزحف الطاغية من الغد في جموعه وعبى السلطان مواكب المسلمين صفوفا وتزاحفوا ولما نشب الحرب برز الجيش الكمين من البلد وخالفوهم إلى المعسكر وعمدوا إلى فسطاط السلطان ودافعهم عنه الناشبة الذين أعدوا لحراسته فاستلحموهم ثم دافعهم النساء عن أنفسهم فقتلوهن وخلصوا إلى حظايا السلطان عائشة بنت عمه أبى يحيى ابن يعقوب وفاطمة بنت مولانا السلطان أبى يحيى ملك إفريقية وغيرهما من حظاياه فقتلوهن واستلبوهن وانتهبوا سائر الفسطاط وأضرموا المعسكر نارا وأحس المسلمون بما وراء هم في معسكرهم فاختل مصافهم وارتدوا على أعقابهم بعد أن كان ابن السلطان ضمم في طائفة من قومه وذويه حتى خالطهم في صفوفهم فأحاطوا به وتقبضوا عليه وولى السلطان متحيزا إلى فئة المسلمين واستشهد كثير من الغزاة ووصل الطاغية إلى فسطاط السلطان من المحلة وأنكر قتل النساء والولدان ووقف منه لمنتهى أثره وانكفأ راجعا إلى بلاده ولحق ابن الأحمر بغرناطة وخلص السلطان إلى الجزيرة ثم إلى الجبل ثم ركب السفين إلى سبتة في ليله ومحص الله المسلمين وأجزل ثوابهم؟؟
لما رجع الطاغية من طريف استأسد على المسلمين بالأندلس وطمع في التهامهم وجمع عساكر النصرانية ونازل قلعة بنى سعيد ثغر غزناطة وعلى مرحلة منها وجمع الآلات والأيدي على حصارها واشتد مخنقها وأصابهم الجهد من العطش فنزلوا على حكمه سنة ثنتين وأربعين وأدال الله الطيب منها بالخبيث وانصرف إلى بلده وكان السلطان أبو الحسن لما أجاز إلى سبتة أخذ نفسه بالعودة إلى الجهاد لرجع الكرة وبعث في الأمصار للاستنفار وأخرج قواده إلى سواحل البحر لتجهيز الأساطيل حتى اكتمل له منها عدد ثم ارتحل إلى سبتة لمشارفتها وقدم عساكره إلى العدوة مع وزيره عسكر بن تاحضريت وبعث على الجزيرة محمد بن العباس بن تاحضريت من قرابة الوزير وبعث إليها مددا من العسكر مع موسى بن إبراهيم اليرنياني من المرشحين للوزارة نيابة وبلغ الطاغية خبره فجهز أسطوله وأجراه إلى بحر الزقاق لمدافعته وتلاقت الأساطيل ومحص الله المسلمين واستشهد منهم أعداد وتغلب أسطول الطاغية على بحر الزقاق وملكوه دون المسلمين وأقبل الطاغية من إشبيلية في عساكر النصرانية حتى أناخ بها على الجزيرة الخضراء مرفأ أساطيل المسلمين وفرضة المجاز وأمل أن ينظمها في مملكته مع جارتها طريف وحشر الفعلة والصناع للآلات وجمع الأيدي عليها وطاولها الحصار واتخذ