وذهب عمر بن حمزة إلى المشرق لقضاء فرضه وأجفل أبو الليل أخوه مع المولى المفضل إلى القفر حتى كان من دخول أهل الجريد في طاعته ما نذكره ان شاء الله تعالى وكان السلطان لما خلص من القيروان إلى تونس وفد إليه أحمد بن مكي مهنيا ومفاوضا في شأن الثغر وما منى به من انتقاض الأطراف وفساد الرعية وتدارك السلطان أمره عند فواته بالتولية على أهل القطر من جنسهم استئلافا للكافة واستبقاء لطاعتهم فعقد على عمل قابس وجربة والحامة وما إليها العبد الواحد ابن السلطان زكريا بن أحمد اللحياني وأنفذ مع أحمد بن مكي إلى عمله فهلك بجربة لليال من مقدمه في الطاعون الجارف عامئذ وعقد لابي القاسم بن عتو شيخ الموحدين على توزر ونفطة وسائر بلاد الجريد بعد أن كان استخلصه بعد مفر أبى محمد بن تافراكين قريعه وما أضمر من سوء دخلته فنزل بتوزر وجمع أهل الجريد على الولاية والمخالصة ولما نازل المولى أبو العباس الفضل تونس مرتين وشرد أولاد مهلهل وامتنعت عليه عمد إلى الجريد سنة خمس يحاول فيه ملكا وخاطب أبا القاسم بن عتو يذكره عهده وعهد سلفه وحقوقهم فتذكر وحن ونظر إلى ما ناله به السلطان من المثلة في أطرافه واستثار كامن حقده فانحرف وحمل الناس على طاعة المولى الفضل ابن مولانا السلطان أبى يحيى فسارعوا إلى الإجابة وبايعه أهل توزر وقفصة ونفطة والحامة ثم دعا ابن مكين إلى طاعته فأجاب إليها وبايعها أهل قابس وجربة أيضا وانتهى الخبر إلى السلطان باستيلاء المولى الفضل على أمصار إفريقية وأنه ناهض إلى تونس فأهمه الشأن وخشى على أمره وكانت بطانته يوسوسون إليه لرحلة إلى المغرب لاسترجاع نعمتهم باسترجاع ملكه فأجابهم إليها وشحن أساطيله بالأقوات وأزاح علل المسافرين ولما قضى منسك الفطر من سنة خمسين ركب البحر أيام استفحال فصل الشتاء وعقد لابنه أبى الفضل على تونس ثقة بما بينه وبين أولاد حمزة من الصهر وتفاديا بمكانه من معرة الغوغاء وثورتهم وأقلع من مرسى تونس ولخمس دخل مرسى بجاية وقد احتاجوا إلى الماء فمنعهم صاحب بجاية من الورود وأو عز إلى سائر سواحله بمنعهم فزحفوا إلى الساحل وقاتلوا من صدهم عن الماء إلى أن غلبوهم واستقوا وأقلعوا وعصفت بهم الريح ليلتئذ وجاءهم الموج من كل مكان وألقاهم اليم بالساحل بعد أن تكسرت الأجفان وغرق الكثير من بطانته وعامة الناس وقذف الموج بالسلطان فألقاه إلى الجزيرة قرب الساحل من بلاد زواوة مع بعض حشمه عراة فمكثوا ليلته وصبحهم جفن من الأساطيل كان قد سلم من ذلك العاصف فقربوا إليه حين رأوه وقد تصايح بن البربر من الجبال وتواثبوا إليه فاختطفه أولياؤه من أهل الجفن قبل أن يصل إليه البربر وقذفوا به إلى الجزائر فنزل بها ولام صدعه وخلع على من وصل من فل
(٢٨٤)