القيروان المسمى بالثنية فأجفلوا أمامه وصدقوه القتال منهزمين وهو في اتباعهم إلى أن حصل بالقيروان ورأوا أن لا ملجأ منه فتدامروا واتفقوا على الا ستمائة ودس إليهم من عسكر السلطان بنو عبد الواد ومغراوة وبنو توجين فغلبوا بنى مرين ووعدوهم بالمناجزة صبيحة يومهم ليتحيزوا إليهم براياتهم وصبحوا معسكر السلطان وركب إليهم في الآلة والتعبية فاختل المصاف وتحيز إليهم الكثير ونجا السلطان إلى القيروان فدخلها في الفل من عساكره ثامن المحرم سنة تسع وأربعين وتدافعت ساقات العرب في اثره وتسابقوا إلى المسكر فانتهبوه ودخلوا فسطاط السلطان فاستولوا على ذخيرته والكثير من حرمه وأحاطوا بالقيروان وأحاطت حللهم بها سياجا وتعاوت ذئابهم بأطراف البقاع وأجلب ناعق الفتنة من كل مكان وبلغ الخبر إلى تونس فاستحصن بالقصبة أولياء السلطان وحرمه ونزع ابن تافراكين من جملة السلطان بالقيروان إليهم فعقدوا له على حجامة سلطانهم أحمد بن أبي دبوس ودفعوه إلى محاربة من كان بالقصبة بتونس وأغذ إليها السير واجتمع إليه أشياخ الموحدين وزعانف الغوغاء والجند وأحاطوا بالقصبة وعاودها القتال ونصب المنجنيق لحصارها ووصل سلطانه أحمد على اثره فامتنعت عليهم ولم يغنوا فيها غناء وافترق أمر الكعوب وخالف بعضهم بعضا إلى السلطان وتساقطوا إليه فتنفس مخنق الحصار عن القيروان واختلفت إليه رسل أولاد مهلهل وأحسن بهم أولاد أبى الليل بن حمزة بنفسه وعاهد السلطان على الافراج ولم يفوا بعهده وداخل السلطان أولاد مهلهل في الخروج معهم إلى سوسة فعاهدوه على ذلك وأعز أسطوله بمرساها وخرج معهم ليلا على تعبية فلحق بسوسة وبلغ الخبر إلى ابن تافراكين بمكانه من حصار القصبة فركب السفين ليلا إلى الإسكندرية وارتاب سلطانهم ابن أبي دبوس لما وقف على خبره فانفض جمعهم وأفرجوا عن القصبة وركب السلطان أسطوله من سوسة ونزل بتونس آخر جمادى واعتمل في اصلاح أسوارها وإدارة الخندق عليها وأقام لها من الامتناع والتحصين رسما ثبت له من بعده ودفع به في نحر عدوه واستقل من نكبة القيروان وعثرتها وخلص من هوتها والله يفعل ما يشاء ولحق أولاد أبى الليل وسلطانهم أحمد بن أبي دبوس بتونس فأحاطوا بالسلطان واستبلغوا في حصاره وخلصت ولاية أولاد مهلهل للسلطان فعول عليهم ثم راجع بنو حمزة رأيهم في طاعة السلطان فدخل كبيرهم عمر إليه في شعبان وتقبضوا على سلطانهم أحمد بن أبي دبوس وقادوه إلى السلطان استبلاغا في الطاعة وامحاضا للولاية فتقبل فيئتهم وأودع ابن أبي دبوس السجن وأصهر إلى عمر بابنه أبى الفضل فعقد له على بنته واختلفت أحوالهم في الطاعة والانحراف إلى أن كان ما نذكر والله غالب
(٢٧٦)