حفص يزاحم ثم غلبه مولانا السلطان أبو بكر آخرا واستجره إلى الطاعة ما كان من قطع الزبون عن مولانا السلطان أبى يحيى وهلاك عدوه من آل يغمراسن بسيف وليه وظهيره السلطان أبى الحسن فأذعن وسكن غرب اعتزازه وحمل بنى سليم على اعطاء صدقاتهم فأعطوها باكراهه ثم هلك باغتيال الدولة له فيما يزعمون وقام بالأمر بنوه ولم يعرفوا عواقب الأمور ولا أبلوا باعتساف الدولة ولم يعهدوا ولا سمعوا لسلفهم غير الاعتزاز فحدثتهم أنفسهم بالفتنة والاعتزاز على قائد الدولة وحاربوه فغلبوه وأجلبوا على السلطان في ملكه ونازلوه بعقر داره سنة ثنتين وأربعين ولما سامهم الأمير ابن مولانا السلطان أبى يحيى الهضيمة بعد مهلك أبيه نزعوا إلى أخيه ولى العهد فجاء إلى تونس وملكها بيعا ثم اقتحم عليه أخوه الأمير أبو حفص فقتله وتقبض يوم اقتحامه البلد على أبي الهول بن حمزة أخيهم فقتله صبرا بباب داره بالقصبة فأسفهم بها ونزعوا إلى السلطان أبى الحسن ورغبوه في ملك إفريقية واستعدوه إليها ولما تغلب السلطان على الوطن وكانت حاله في الاعتزاز على من في طاعته غير حال الموحدين وملكته للبدو غير ملكتهم وحين رأى اعتزازهم على الدولة وكثرة ما أقطعتهم من الضواحي والأمصار نكره وأدالهم من الأمصار التي أقطعهم الموحدون بأعطيات فرضا لهم في الديوان واستكثر جبايتهم فنقصهم الكثير منها وشكا إليه الرعية من البدو وما ينالونهم به من الظلامات والجور بفرض الإتاوة التي يسمونها الخفارة فقبض أيديهم عنها وأوعز إلى الرعايا بمنعهم منها فارتابوا لذلك وفسدت نياتهم وثقلت وطأة الدولة عليهم فترصدوا لها وتسامع ذوبانهم وبواديهم بذلك فأغاروا على قياطين بنى مرين ومسالحهم بثغور إفريقية وفروجها واستاقوا أموالهم وكثر شاكيهم وأظلم الجو منهم بينهم وبين السلطان والدولة ووفد عليه بتونس بعد مرجعه من المهدية وفد من مشيختهم كان فيهم خالد بن حمزة مستحبة إلى إفريقية وأخوه أحمد وخليفة بن عبد الله بن مسكين وابن عمه خليفة بن بو زيد من أولاد القوس فأنزلهم السلطان وأكرمهم ثم رفع إليه الأمير عبد الرحمن ابن السلطان أبى يحيى زكريا بن اللحياني كان في جملته وكان من خبره انه رجع من المشرق بعد مهلك أبيه بمصر كما قدمناه سنة ثنتين وثلاثين فدعا لنفسه بجهات طرابلس وتابعه اعراب ذباب وبايع له عبد الملك بن مكي صاحب قابس ونهض معه إلى تونس في غيبة السلطان لتخريب تامزيزدكت كما ذكرناه فملكها أياما وأحس بمرجع السلطان فأجفل عنها ولحق عبد الواحد بن اللحياني إلى تلمسان إلى أن دلف إليها السلطان أبو الحسن بعساكره ففارقهم وخرج إليه فأحله محل التكرمة والمبرة واستقر في جملته إلى أن ملك تونس ورفع إليه عن مقدم هذا الوفد
(٢٧٤)