للمثوبة فانتسخها وجمع الوراقين لمعاناة تذهيبها وتنميقها والقراء لضبطها وتهذيبها حتى اكتمل شأنها وصنع لها وعاء مؤلفا من خشب الأبنوس والعاج والصندل فائق الصنعة وغشى بصفائح الذهب ونظم بالجوهر والياقوت واتخذ له أصونة الجلد المحكمة الصنعة المرقوم أديمها بخطوط الذهب من فوقها غلاف الحرير والديباج وأغشية الكتان وأخرج من خزائنه أموالا عينها الشراء الضياع بالمشرق لتكون وقفا على القراء فيها وأوفد على الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر والشام خواص مجلسه وكبار أهل دولته مثل عريف بن يحيى أمير زغبة والسابق المقدم في بساطه على كل خالصة عطية بن مهلهل بن يحيى كبير الخولة وبعث كاتبه أبا الفضل بن محمد ابن أبي مدين وعريف الوزعة ببابه وصاحب دولته عبو بن قاسم المزوار واحتفل في الهدية للمزوار للسلطان صاحب مصر احتفالا تحدث الناس به دهرا ووقفت على برنامج الهدية بخط أبى الفضل بن أبي مدين هذا الرسول ووعيته وأنسيته وذكر لي بعض قهارمة الدار أنه كان فيها خمسمائة من عتاق الخيل المقربات بسروج الذهب والفضة ولجمها خالصا ومغشى ومموها وخمسمائة حمل من متاع المغرب وماعونه وأسلحته ومن نسج الصوف المحكم ثيابا وأكسية وبرانس وعمائم وأزرا معلمة وغير معلمة ومن نسج الحرير الفائق المعلم بالذهب ملونا وغير ملون وساذجا ومنمقا ومن الدرق المجلوبة من بلاد الصحراء المحكمة بالدباغ المعارف وتنسب إلى اللمط ومن خرثى المغرب وماعونه وما يستظرف صناعته بالمشرق حتى لقد كان فيها مكيل من حصى الجوهر والياقوت واعتزمت حظية من خطايا أبيه على الحج في ركابه ذلك فأذن لها واستبلغ في تكريمها واستوصى بها وافده وسلطان مصرفي كتابه وفصلوا من تلمسان سنة؟؟ وأدوا رسالتهم إلى الملك الناصر وهديتهم فتقبلها وحسن لديه موقعها وكان يوم وفادتهم عليه بمصر يوما مشهودا تحدث به الناس دهرا ولقاهم في طريقهم أنواع البر والتكرمة حتى قضوا فرضهم ووضعوا المصحف الكريم حيث أمرهم صاحبهم وأسنى هدية السلطان من فساطيطهم الغريبة الشكل والصنعة بالمغرب ومن ثياب الإسكندرية البديعة النسج المرقومة بالذهب ورجعهم بها إلى مرسلهم وقد استبلغ في تكريمهم ووصلتهم وبقي حديث هذه الهدية مذكورا بين الناس لهذا العهد ثم انتسخ السلطان نسخة أخرى من المصحف الكريم على القانون الأول ووقفها على القراءة بالمدينة وبعث بها من تخيره لذلك العهد من أهل دولته سنة؟؟ واتصلت الولاية بينه وبين الملك الناصر إلى أن هلك سنة احدى وأربعين وولى الامر من بعده ابنه أبو الفداء إسماعيل فخاطبه السلطان وأتحفه وعزاه
(٢٦٥)