مقامها في الاثبات، كما أن وجه الثاني إشعار رد المنكر على المدعي وامتناعه عن اليمين باعترافه بالحق، على أن ثبوته بها قد جاء من قبل رده، فهو في الحقيقة منه، فكان كاقراره.
وقد فرعوا على ذلك فروعا كثيرة متفرقة في أبواب الفقه:
(منها) أن المدعى عليه إذا أقام بينة على أداء المال أو على الابراء عنه بعد حلف المدعي فإن قلنا يمينه كبينته سمعت بينة المدعى عليه، وإن جعلناها كاقرار المدعى عليه لم تسمع، لأنه مكذب لبينته. و (منها) احتياج الثبوت بها إلى حكم الحاكم على الأول بخلاف الثاني، بناء على ما ذكروه من عدم الاحتياج فيه إلى حكم الحاكم.
وفيه - بعد وضوح الضعف لما سمعته من دليلها - أن ذلك فرع ما يقتضي انحصار حق المدعي بأحدهما لا غير، وهو ممنوع، ومن هنا اتجه جعلها قسما مستقلا برأسه، ويرجع حينئذ حكم ما ثبت بها بالنسبة إلى ذلك ونحوه إلى الأصول والقواعد وغيرهما من الأدلة التي لا ريب في اقتضاء كونه بحكم البينة تارة وبحكم الاقرار أخرى، وخروجه عنها ثالثة، كما جزم بذلك بعض متأخري المتأخرين.
وحينئذ فالحكم في الفرع الأول السماع، لعموم قبول البينة بعد ما عرفت من اختصاص الأحكام المزبورة بيمين المنكر لا مطلقا، لكن استظهر الأردبيلي العدم، لظهور إقدامهما على ذلك، ولظهور الأدلة في السقوط بها كاليمين من المنكر، وهو لا يخلو من وجه.
وفي الثاني عدم التوقف بناء على أن التوقف عليه مخالف للأصل وإن كان لا يخلو من نظر، لأن الأصل عدم ثبوت الحق، اللهم إلا أن يستند إلى إطلاق الأدلة المزبورة، وهو مع أنه غير الأصل المزبور في معرض بيان سبب حكومة الحاكم نحو ما سمعته في يمين المنكر، لا أن