والثاني مفروغ منه ليس محلا للتنبيه، نعم لعل وجهه ما أشرنا إليه من تحقق سبب الحكومة وحصول ميزانها المقرر شرعا عند القائل به، نحو نكول المدعي عن اليمين المردودة عليه. وبذلك يندفع ما حكاه عن المقدس الأردبيلي، كما أنه مما ذكرناه يعلم النظر فيما في كشف اللثام حتى فيما حكاه فيه عن التحرير والدروس، فلاحظ وتأمل.
(ولو كان للمدعي بينة لم يقل الحاكم أحضرها) بمعنى عدم جواز ذلك له، كما عن المبسوط والمهذب والسرائر (لأنه حق له) إن شاء جاء به وإلا فلا، إذ قد يريد اليمين.
(وقيل) كما عن الشيخين والديلمي والحلبي والقاضي في أحد قوليه: (يجوز) له ذلك بل في الرياض نسبته إلى أكثر المتأخرين، بل في المسالك إلى أكثر أصحابنا، للأصل بعد فرض كون المراد من الأمر الإذن والاعلام لا الوجوب والالزام (وهو حسن).
ولكن في القواعد والمختلف والدروس التفصيل بين علم الحاكم بمعرفة المدعي بكون المقام مقام بينة فالأول، وجهله بذلك فالثاني، والأولى حمل القول الأول على إرادة الوجوب من الأمر على وجه الالزام به، كما هو مفاد دليله، ولا ريب في عدم جواز ذلك، ضرورة عدم وجوبه عليه، لامكان إرادته اليمين، بل له إسقاط الدعوى من أصلها، والثاني على إرادة الجواز والاعلام من الأمر، ولا ريب في جوازه، للأصل وغيره، وبذلك يكون النزاع لفظيا.
بل منه أيضا يعلم ما في التفصيل الذي مرجعه إلى بيان أصل الحكم شرعا، وهو لا مدخلية له فيما نحن فيه، كما لا مدخلية في أصل بيان الحاكم الحكم بأن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين ونحو ذلك مما هو بيان وتعرف لميزان القضاء المقرر شرعا، وهو واضح.