ما دل على قبول كل دعوى من مدعيها من قوله (صلى الله عليه وآله) (1):
(البينة على المدعي) وغيره.
ولا ينافي ذلك ما تقدم من وجوب النظر في المحبوس وإن لم يدع الظلم والجور عليه، لما عرفته سابقا من معنى الوجوب مع فرض تمام الحكم من الأول، نعم لو أريد الحكم عليه كما حكم به الأول توقف الحكم عليه بأداء الحق على ثبوته عنده، ولا يكفي فيه حكم الحاكم السابق كما عرفته سابقا، بخلاف المقام المفروض فيه أيضا تمام حكم الحاكم ولم يبق شئ منه، فليس عليه التعرض له حتى يدعى المحكوم عليه ذلك، فيلزمه حينئذ النظر مقدمة لقطع الدعوى المسموعة، كما هو واضح.
(وكذا لو ثبت عنده ما يبطل حكم الأول) ولو باقرار منه أو غيره (أبطله سواء كان من حقوق الله تعالى أو حقوق الناس) على الأصح كما في التحرير خلافا للفاضل وللمحكي عن الشيخ وبعض العامة من الاقتصار على الأول الذي له النظر فيه بخلاف الثاني المتوقف على مطالبة المستحق، وقد عرفت ضعفه، لمعلومية وجوب انكار المنكر عليه في نفسه باعتبار كونه حكما بباطل وبغير ما أنزل الله تعالى شأنه، وأن له الولاية العامة.
إنما الكلام في لزوم النظر في الأول الذي قد يشكل - كما عن بعض العامة - بعدم اقتضاء ذلك وجوبه، بل أقصاه طلب البينة من المدعي على دعواه، فإن لم يكن فله اليمين، ولا تلازم بين سماعها ووجوب النظر في حكمه، إلا أنه كما ترى، ضرورة وجوب سماع كل دعوى مقبولة عليه، لاقتضاء منصبه ذلك، ولاطلاق الأدلة والأمر بالمعروف، وغير ذلك.