الشاهدين إذا كانا مسلمين، وأنهما لا يردان إلا إذا كانا فاسقين (و) لا يحمل إطلاق الثانية على الأولى لعدم حجية مفهوم الوصف، أو لأن (به رواية) أو روايات (1) ولكن قد عرفت في البحث المزبور أن الرواية به وإن تعددت (شاذة) موافقة للعامة معارضة لما هو أقوى منها من وجوه أو مأولة، بل قد ذكرنا ظهورها - بعد حمل المطلق فيها على المقيد - في خلافه، أو للاجماع المحكي في الخلاف المتبين خلافه حتى من حاكيه في المحكي من خلافه ومبسوطه.
كما أنه لا يخفى عليك ما في الكلام المزبور، ضرورة معلومية زيادة وصف العدالة على الاسلام، بل والايمان، وظهور الآية الأولى في الحكم الوضعي الذي هو اعتبار العدالة في القبول، وحينئذ فحمل المطلق عليه لا يحتاج إلى مفهوم الوصف كما قرر في محله، وحينئذ فعدم وجوب التبين في شهادة غير الفاسق لا يقتضي تحقق العدالة في مجهول الحال التي هي شرط القبول إجماعا بقسميه ونصوصا يقيد بهما إطلاق مفهوم الآية لو قلنا بشموله لمحل النزاع.
وبالجملة فقد استقصينا الكلام في جميع أطراف المسألة في ذلك المبحث، وبينا ضعف القول المزبور، بل لم نتحقق القائل به لظهور من وقفنا على كلام من يحكى عنه في أصالة العدالة في المسلم الذي لم يظهر منه فسق، لا أن الاسلام عدالة، مع معلومية فساد الأصل المزبور وإن اشتهر في كلام الأصحاب أن الأصل في المسلم أن لا يخل بواجب ولا يفعل محرما، إلا أن ذلك لا يقتضي تحقق وصف العدالة به، بل المراد منه حكم تعبدي في نفسه لا فيما يترتب على ذلك لو كان واقعا كما حققناه في غير المقام.