جبر الشهوة للضعف، وقد تكلمنا عليه غير مرة، واحتج على المنع أيضا بالاجماع على الحكم بالبينة واليمين، وليس هذا أحدهما، وجوابه أن هذا ليس حكما، وإنما هو إقرار للحكم على حاله، وهو معنى انفاذه وعلى تقدير تسليمه فهو حكم بالبينة أيضا، فلا ينافي الاجماع المدعى، ولو سلم عدم كونه حكما بها منعنا الاجماع المذكور، فإن القول بجواز إنفاذ الحكم على هذا الوجه مذهب أكثر علماء الإسلام، ومنهم جملة الأصحاب سيما المتأخرين).
قلت: فيما حضرني من المختلف ذكر ذلك في مقام الرد على ابن الجنيد القائل بجواز العمل بالكتابة، لا فيما نحن فيه، فيمكن أن يكون قد سها نظره الشريف عن ذلك، فظن فيما نحن فيه، وإلا فهو موافق لجواز الحكم بالبينة على الوجه المزبور، فتدبر.
وعلى كل حال (إذا عرفت هذا ف (اعلم أن (العمل بذلك مقصور على حقوق الناس دون الحدود وغيرها من حقوق الله) تعالى بلا خلاف أجده فيه، بل حكى الاجماع عليه غير واحد، بل قد يشهد له التتبع، وهو حجة لا ما ذكروه من درء الحدود بالشبهات التي لا محل لها بعد قيام البينات.
اللهم إلا أن يقال: إن الشبهة حاصلة للحاكم الآخر حتى لو سمع إنشاء حكمه فضلا عن الشهادة به، فلا يشرع قضاء التنفيذ في الحد، للشبهة التي يسقط بها الحد المبني على التخفيف، ولكن إن لم يكن إجماع فللننظر فيه مجال، وعليه فالظاهر عدم مشروعية خصوص قضاء التنفيذ، أما التنفيذ من باب الأمر بالمعروف ووجوب طاعة الحاكم وأنه حجة الله على الناس فالظاهر ثبوته، بل للحاكم الآخر استيفاء الحد بأمر الحاكم الأول كغيره ممن يأمره، كما أن له جميع مراتب الأمر بالمعروف، فمن