من حيث إلزامه يدفعه ما سمعته من الأدلة الدالة على مشروعيته، مضافا إلى إطلاق كونه حاكما وحجة المقتضي لتناول ذلك لو صدر منه، فتأمل جيدا، فإن المسألة غامضة ولم أجد من نقحها كما ذكرنا. بل ستسمع كلام بعض أن الانفاذ ليس حكما، بل هو إقرار الحكم، والتحقيق ما عرفت.
وحينئذ ينبغي لحاكم التنفيذ عدم الحكم حتى يطلبه منه من له الحكم بناء على اعتبار مثل ذلك في أصل الحكم، كما أنه ينبغي ملاحظة تسلسل حكام الانفاذ وما لذلك من الأحكام التي ستسمع بعضها في حاكم الأصل بالنسبة إلى عروض الجنون والفسق والعزل ونحو ذلك، والله العالم.
وكيف كان فقد أشار المصنف إلى دليل الخصم إن كان بقوله:
(لا يقال فتوى الأصحاب أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاض ولا العمل به) وهو باطلاقه شامل لمحل النزاع (ورواية طلحة بن زيد (1) والسكوني (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) (أن عليا (عليه السلام) كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حد ولا غيره حتى وليت بنوا فأجازوا بالبينات) لأنا نجيب عن الأول بمنع دعوى الاجماع على خلاف موضع النزاع) بل قد عرفت أن الخلاف في ذلك بيننا غير محقق، ومنه حينئذ يعلم عدم إرادة هذا الفرد من الاطلاق المزبور الممكن دعوى انسياق غيره منه، بل لعله الظاهر منه، وذلك (لأن المنع من العمل بكتاب قاض إلى قاض ليس منعا من العمل بحكم الحاكم مع ثبوته) بالبينة على الوجه المفروض، ضرورة كون المراد من العمل بالكتاب من حيث كونه كتابا (ونحو نقول) بذلك (ف) إنك قد عرفت أنه (لا عبرة عندنا بالكتاب مختوما كان أو مفتوحا) خلافا لبعض العامة.
(و) ربما يؤيد ذلك أنه (إلى جواز ما ذكرناه أومأ)