(و) على كل حال ف (- لا يحلف المدعى عليه إلا بعد سؤال المدعي) بلا خلاف أجده هنا، بل في الرياض قولا واحدا، وفي كشف اللثام اتفاقا (لأنه حق له فيتوقف استيفاؤه على المطالبة) إذ هو كما في المسالك ليس هو على نهج الحقين السابقين من طلب الجواب والحكم، ومن ثم وقع الخلاف فيهما دونه، والفرق أن الحق فيهما لا يغير الحكم بالنسبة إلى المدعي بل يؤكده، بخلاف تحليف المنكر، فإنه يسقط الدعوى التي قد يتعلق غرض المدعي ببقائها إلى وقت آخر، إما لتذكر البينة أو ليتحرى وقتا صالحا لا يتجرأ المنكر على الحلف فيه ونحو ذلك، فليس للحاكم أن يستوفيه بغير إذنه.
وحكي أن أبا الحسين ابن أبي عمر القاضي أول ما جلس للقضاء ارتفع إليه خصمان وادعى أحدهما على صاحبه دنانير فأنكره) فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ قال: لا، فاستحلف القاضي من غير مسألة المدعي، فلما فرغ قال له المدعي: ما سألتك أن تستحلفه لي، فأمر أبو الحسين أن يعطى الدنانير من خزانته، لأنه استحيى أن يحلفه ثانيا.
وفيه أن ذلك يقتضي عدم تحليفه مع عدم رضاه لا عدمه مطلقا حتى مع قيام شاهد الحال الذي قد سمعت دعواه في المقامين السابقين، واحتمال عدمه هنا لاحتمال تعلق غرضه ببقاء الدعوى كما ترى، بل قد يأتي فيه التعليل الآخر، وهو أن ذلك من منصب الحاكم المأمور بقطع الخصومة بين المتخاصمين، فيجب تحصيله مطلقا أو ما لم يلتمس المدعي التأخير، خصوصا بعد إطلاق قوله (صلى الله عليه وآله) (1): (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) فالأولى الاستدلال لذلك بعد الاجماع