(ولا يستحلف الحاكم أحد إلا في مجلس قضائه) بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به في الرياض، بل فيه ظاهرهم الاجماع، كما يستفاد من كثير، منهم المقدس الأردبيلي والخراساني، ولعله لأصالة عدم انقطاع الدعوى بغيره بعد الشك أو الظن بعدم تناول الاطلاق الوارد في تعليم ميزان القضاء للحكام لغير الفرض ولو للاتفاق المزبور، بل يمكن دعوى انسياق ذلك منه خصوصا النصوص المستفيضة (1) المشتملة على الشكوى من نبي من الأنبياء إلى الله تعالى من القضاء بما لم تر العين ولم تسمع الإذن، فقال: (اقض بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به) الظاهرة في مباشرة ذلك بنفسه، فلا تصح الاستنابة فيه حينئذ.
نعم ذكر غير واحد من الأصحاب - بل نفى بعضهم الخلاف فيه أيضا - أن ذلك كذلك (إلا مع العذر كالمرض المانع) من الحضور (وشبهه، فحينئذ يستنيب الحاكم من يحلفه في منزله، وكذا المرأة التي لا عادة لها بالبروز إلى مجمع الرجال أو الممنوعة بأحد الأعذار) كحيض ونحوه مما يمنع دخول المسجد لو جلس فيه القاضي أو المانع لها من أصل الخروج. وبالجملة متى كان المانع عذرا شرعيا ولو العسر والحرج المانعان من التكليف جازت الاستنابة وإن تمكن الحاكم من الوصول بلا نقص ومشقة عليه.
لكن الانصاف صعوبة استنباط ذلك من الأدلة بعد فرض عدم سوقها لبيان ذلك أو فرض كون المنساق منها الأول، فلا إطلاق حينئذ يوثق به، فليس حينئذ إلا الأصل المقتضي لما عرفت، ولعله لذا حكي عن بعضهم وجوب مضي الحاكم مع فرض عدم النقص عليه، إلا أنه كما ترى مناف للأصل المعتضد بالمعلوم من الشرع خلافه.