وظاهره النسبة إليهم، إلا أنه لا يخفى عليك ضعف الفرق المزبور. ولذا نظر فيه في المسالك بعد حكايته، ثم حكى عن بعض العامة جواز إنفاذه كالموت، قال: (وأما الانفاذ السابق على ظهور الفسق فيقر عليه كأصل الحكم).
وإليه أشار المصنف بقوله: (ويقر ما سبق إنفاذه على زمان فسقه) وكذا الفاضل في القواعد والإرشاد، ويرجع حاصله - بناء على أن المراد العمل بأصل الحكم لا خصوص إنفاذه، كما عساه يظهر من المتن بل والمسالك وغيرها - إلى أن الحكم قبل الفسق إن أنفذه حاكم آخر قبل الفسق عمل به وإلا فلا، إلا أنه لا نعرف له دليلا يقطع العذر، وإن كان قد يقال: إنه مع حكم الآخر بانفاذه يكون العمل في الحقيقة بحكم الثاني، فلا يقدح فسق الأول بخلاف الفسق قبل الانفاذ، كما أنه قد يقال: إن مراد الأصحاب اشتراط حكم الثاني بانفاذه ببقاء الأول على وصف العدالة لا بطلان حكم الأول بتجدد الفسق على وجه تعود الدعوى كما كانت قبل الحكم، ضرورة منافاة ذلك لجميع الأدلة، بخلاف ما ذكرناه، فإنه قد يكون وجهه أصالة عدم نفوذ الحكم بالانفاذ، بل هو حينئذ كفسق الشاهد بعد الشهادة قبل الحكم، وحينئذ يكون الفسق مانعا من الحكم بانفاذه بخلاف الموت المقتضي لخروج الموضوع عن قابليته، فلا إسناد للحكم إليه، أما الفسق فهو حكم فاسق فعلا.
وعلى كل حال فالمراد الحكم بانفاذه وعدمه، لا أصل العمل بحكمه في خصوص ما حكم به، وإلا لاقتضى ذلك بطلان ما وقع من العمل بفتاواه الذي هو أولى بذلك من الحكم، وهو معلوم البطلان.
ولكن الانصاف أنه خلاف ظاهر العبارات، بل لا وجه له أيضا، ضرورة التلازم بين صحته في نفسه وبين إنفاذه، فلا معنى لكونه