حق الناس، والمحكي عن ابن حمزة عكس ذلك، وعن حدود النهاية (إذا شاهد الإمام من يزني أو يشرب الخمر كان عليه أن يقيم الحد، ولا ينتظر مع مشاهدته قيام البينة والاقرار، وليس ذلك لغيره، بل هو مخصوص به، وغيره وإن شاهد يحتاج إلى أن يقوم بينة أو إقرار من الفاعل).
مع أنه لم نجد للجميع مستندا صالحا غير ما عرفت سوى اقتضاء ذلك التهمة - التي قد تحصل أيضا مع البينة وتزكية النفس الحاصلة بالجلوس في منصب القضاء - والنبوي في قضية الملاعنة (1) (لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها) التي لم يثبت صحته في طرقنا، ودعوى بناء حدود الله المسامحة والستر الممنوعة بعد الثبوت بالعلم.
(و) حينئذ فلا إشكال في المسألة، ف (يجوز) له (أن يحكم في ذلك كله من غير حضور شاهد) يشهد بالحق معه (يشهد الحكم) أي يحضره، كما عن الحسن بن حي قال في الحدود:
(إن علم بعد القضاء - أي بعد تولي منصب القضاء - فلا يقضي حتى يشهد معه ثلاثة، وفي غيره واحد) وعن الأوزاعي (أنه يشهد معه رجل آخر في القذف حتى يحده) وقال الليث: (لا يحكم في حقوق الناس حتى يشهد معه آخر) وقال ابن أبي ليلى: (من أقر عند القاضي بدين في مجلس الحكم فالقاضي لا ينفذ ذلك حتى يشهد معه آخر) إلى غير ذلك من أقوالهم المبنية على الرأي والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة.
هذا ولكن لا يخفى عليك قصور العبارة عن تأدية المعنى المزبور بناء على كون المراد بها الإشارة، ضرورة عدم مدخلية شهادة الحكم في ذلك بمعنى حضوره، إذ المراد شاهد آخر بالحق مع الحاكم حضر الحكم أو لم يحضره.