والأحكام الوضعية حتى الطهارة والنجاسة، فلو ترافع شخصان على بيع شئ من المائعات وقد لاقى عرق الجنب من زنا مثلا عند من يرى طهارته فحكم بذلك كان طاهرا مملوكا للمحكوم عليه وإن كان مجتهدا يرى نجاسته أو مقلد مجتهد كذلك لاطلاق ما دل (1) على وجوب قبول حكمه وأنه حكمهم (عليهم السلام) والراد عليه راد عليهم، ويخرج حينئذ هذا الجزئي من كلي الفتوى بأن المائع الملاقي عرق الجنب نجس في حق ذلك المجتهد ومقلدته. وكذا في البيوع والأنكحة والطلاق والوقوف وغيرها، وهذا معنى وجوب تنفيذ الحاكم الثاني ما حكم به الأول وإن خالف رأيه ما لم يعلم بطلانه.
وأما عدم نقض الحكم بالفتوى حتى من ذلك الحاكم لو فرض تغير رأيه عن الفتوى بعد حكمه في جزئي خاص فلأصالة بقاء أثر الحكم وظهور أدلته في عدم جواز نقضه مطلقا، وعدم اقتضاء دليل الفتوى أزيد من العمل بأفراد كلي متعلقها من حيث إنها كذلك، فلا تنافي خروج بعض أفرادها بالحكم لدليلها، بل لعله ليس من متعلق كليها المراد به ما عدا المحكوم عليه من أفرادها.
نعم هي إنما تنقض بالفتوى على معنى بطلان الفتوى برجوع صاحبها عنها فيما لم يعمل به من أفرادها، أما ما عمل به فيه منها فلا نقض فيما لا يتصور النقض فيه، كما إذا كان فعلا قد فعله أو مالا أكله أو شربه، بل لو كان من الأفعال التي لها قضاء أو إعادة كالصلاة ونحوها مما يندرج في قاعدة الاجزاء وغيرها فلا نقض فيه مع فرض كون الثانية ظنية أيضا، بل لو عمل بالفتوى مما يقتضي الاستمرار والبقاء لم ينقض بالتغيير، كما لو تزوج امرأة ارتضعت معه عشر رضعات بفتوى عدم نشرها الحرمة