لمادة النزاع، إذا لا حسم حينئذ على هذا التقدير، وإنما تنحسم على القول بالقضاء به، وهو لا يقول به، فلا يوافق دليله مختاره إلا أن يلتزم بحبس المنكر إلى أن يقر أو يحلف، كما ذكره الصيمري، ولكن لم يذكره هو ولا من عداه، بل ظاهرهم إيقاف الدعوى كما صرح به بعضهم، مع أن حسم مادة النزاع غير منحصر في سماع الدعوى، لامكان ردها كسائر ما ترد فيه الدعاوى إجماعا، كما مضى. وفيه ما عرفت من أن الأصل في حسم المشاجرة البينة أو اليمين، ولا بعد في الالتزام بأحدهما في المقام وفي جميع نظائره، والله العالم.
المسألة (الثالثة:) (إذا تمت الدعوى) من المدعي (هل يطالب الحاكم (المدعى عليه) بالوجوب أو يتوقف ذلك على التماس المدعي؟ فيه تردد) بل قولان للشيخ في المحكي من مبسوطه (والوجه) عند المنصف، بل قيل: إنه الأشهر بل عن المبسوط عندنا مشعرا بالاجماع عليه (أنه يتوقف، لأنه حق له. فيقف عليه المطالبة).
ولكن الأوجه خلافه وفاقا للمحكي عن جماعة، للأصل ولكونه حقا للحاكم المنصوب لقطع الخصومات إلا أن يسقط المدعي حقه، وفي المسالك (ولقيام شاهد الحال على إرادته ذلك، إذ من المعلوم عادة أن الانسان لا يحضر خصمه مجلس الحكم إلا لإرادة فصل الدعوى بينه وبين خصمه المتوقف على سماع جوابه) ولكن فيه أن ذلك رجوع إلى القول بالتوقف على التماسه المدلول عليه بشاهد الحال.