سابقا، فالانفاذ حينئذ ليس إلا إلزام من الحاكم الثاني بما ألزمه به الحاكم الأول من حيث كونه حكم حاكم يجب طاعته ولا يجوز نقضه، وقد تقدم بعض الكلام فيما له تعلق في المقام في المسألة الثالثة بعد ذكر الآداب فلاحظ (و) تأمل.
هذا كله مع حضور شاهدي الانهاء إنشاء الحكم من الأول ف (إن لم يحضرا الخصومة فحكى لهما الواقعة وصورة الحكم وسمى المتحاكمين بأسمائهما وآبائهما وصفاتهما وأشهدهما على الحكم ففيه تردد) فضلا عن أدنى ذلك من الصور من أن إخباره بذلك بمنزلة شاهد واحد على صدور إنشاء الحكم، وليس هو إقرارا، لأنه في حق الغير، ومن إطلاق ما دل على كونه حاكما (1) والنهي عن الرد عليه (2) وأنه حجة (3) في ذلك إخبار وإنشاء.
(و) لكن (القبول أولى) وفاقا للأكثر، بل لم أجد فيه خلافا سوى ما يحكى عن الشيخ في الخلاف، بل قيل: إن ظاهره دعوى الاجماع عليه، إلا أني لم أجد من وافقه عليه سوى بعض متأخري المتأخرين، بناء منهم على أن الأصل يقتضي عدم جواز الانفاذ في غير صورة القطع، لأنه قول بغير علم، خرج ما خرج وبقي ما بقي.
ودعوى أولوية الفرض مما قام على إنشائه شاهدان عدلان ممنوعة، إذ ليس الحاكم إلا عدل واحد. وفيه أن مشاهدتهما لانشاء حكمه إنما هو من حيث قرائن الأحوال على ذلك، وليست هي أولى من إخباره به، على أنه شئ لا يعلم إلا من قبله، فيكون مصدقا فيه وإن تعلق به حق الغير.
بل لا يبعد استفادة حجية إخباره به مما دل على حجية إنشائه، بل هو مقتضى قوله (عليه السلام): (هو حجتي عليكم) (4) وإن