وفي محكي المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا ثم قال: (وقال قوم:
يقرع بينهما، ومنهم من قال: يقدم الحاكم من شاء، ومنهم من قال:
يصرفهما حتى يصطلحا، ومنهم من كان يستحلف كل واحد منهما لصاحبه، وبعد ما رويناه القرعة أولى).
وفي محكي الخلاف بعد ما ذكر رواية أصحابنا والأقوال المزبورة قال: (دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ولو قلنا بالقرعة على ما ذهب إليه أصحاب الشافعي كان قويا، لأنه مذهبنا في كل أمر مجهول) وفيه أنه لا جهالة بعد النص والاجماع.
(ولو اتفق مسافر وحاضر فهما سواء ما لم يستضر أحدهما فيقدم دفعا للضرر) وكذا المرأة التي تضرر بالتأخير عن بيتها. وبالجملة القرعة إنما هي مع عدم تضرر أحدهم وإلا ترجح، لكن قد يناقش بعدم اقتضاء ذلك سقوط حق الآخر كما في الازدحام على باقي الحقوق المشتركة، اللهم إلا أن يفرق بين المقام وبينها برجوع الحق فيه إلى اختيار القاضي وترجيحه، فحيث لا يكون مرجح شرعي يرجع إلى القرعة، بخلاف ما في المقام الذي فيه قاعدة الضرر والضرار، والفرض عدم تضرر الآخر، فتأمل جيدا.
(ويكره للحاكم أن يشفع في إسقاط حق) بعد ثبوته (أو إبطال) دعوى قبله، وفي المسالك (وعلى هذا فطريق الجمع بين ذلك وبين الترغيب في الصحيح المقتضي غالبا لاسقاط بعض الحق إما بجعله متوسطا بين الاسقاط وعدمه، أو جعله مستثنى كما يقتضيه كلام الأصحاب، لأن الصلح خير، أو بعث غيره على ترغيبهما في ذلك والوساطة بينهما في الصلح، كما صرح به أبو الصلاح، وهذا أولى).
قلت: لعله لا تنافي بين رجحان الصلح قبل الحكم وإن تضمن بعض