أن ذهاب الحق أيضا ضرر، وعلى الحاكم مراعاة الأقل ضررا، ولعله التكفيل، وعدم الفائدة في التكفيل مسلم إن تحقق عدم إمكان إثبات الحق في نفس الأمر، ولكنه غير متحقق بعد احتمال حضور البينة وثبوت الحق بها، فيلزم الكفيل إحضاره أو الالتزام بالحق إن ثبت وهرب المدعى عليه ولم يكن له مال يقتص منه، والحكم على الغائب غير كاف في التخلص عن احتمال ذهاب الحق.
ومن هنا مال في الرياض إلى ذلك وقال: (إن القول به لا يخلو من رجحان إن حيف هرب المنكر وعدم التمكن من استيفاء الحق بعد ثبوته من ماله، ولو لم يخف من ذلك أمكن ترجيح القول الآخر، وبهذا التفصيل صرح الفاضل المقداد، فقال: ولنعم ما قال، ويقوى أن الكفيل موكول إلى نظر الحاكم، فإن الحكم يختلف باختلاف الغرماء، فإن الغريم قد يكون غير مأمون، فالمصلحة حينئذ تكفيله، وإلا لزم تضييع حق المسلم، وقد لا يكون كذلك بل يكون ذا ثروة وحشمة ومكنة فلا حاجة إلى تكفيله، لعدم ثبوت الحق والأمن من ضياعه. وربما كان المدعي محتالا يطلب التكفيل وسيلة إلى أخذ ما لا يستحقه).
لكن لا يخفى عليك أن جميع ذلك لا ينطبق على أصول الإمامية، ضرورة رجوعه إلى ما يشبه الاستحسان، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار لا وجه لجريانها في المقام، إذ الضرر لا يدفع بالضرر، على أنها لا تقتضي تعجيل الضرر على المسلم باحتمال ضرر الآخر، ولعل البحث بين الأصحاب في أصل مشروعية التكفيل بمجرد الدعوى، كما شرح به هنا الفاضل المزبور عبارة النافع، بل حكى القول عمن عرفت بلفظ جواز التكفيل ومنعه، لا في الالزام به قبل ثبوت الحق، وقد ذكرنا في الكفالة ما يستفاد منه ذلك.
ثم على التكفيل فهل يتعين في ضرب مدته ثلاثة أيام، كما عن