المسألة (الثانية:) (يتحقق التعارض في الشهادة مع تحقق التضاد، مثل أن يشهد شاهدان بحق لزيد، ويشهد آخران أن ذلك الحق بعينه لعمرو، أو يشهدا أنه باع ثوبا مخصوصا لعمرو غدوة، ويشهد آخران ببيعه بعينه لخالد في ذلك الوقت) ونحو ذلك، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، كما إذا شهدت إحدى البينتين بملك أحدهما أمس والأخرى بملك الآخر اليوم، عمل بالثانية، لامكان صدقهما معا.
(و) من المعلوم أنه (مهما أمكن التوفيق بين الشهادتين وفق، فإن) لم يمكن بأن (تحقق التعارض) بينهما على وجه يقتضي صدق كل منهما تكذيب الأخرى، كما لو شهدت إحداهما أن هذه العين ملك زيد الآن والأخرى تشهد أنها ملك عمرو الآن (ف) لا يخلو الحال عن أحد أمور ثلاثة أو أربعة، لأنه (إما أن تكون العين في يدهما أو) في (يد أحدهما أو في يد ثالث) أو لا يد لأحد عليها (ففي الأول يقضي بها بينهما نصفين) من دون إقراع ولا ملاحظة ترجيح بأعدلية أو أكثرية بلا خلاف أجده بين من تأخر عن القديمين الحسن وأبي علي، بل صرح غير واحد منهم بعدم الالتفات إلى المرجحات الآتية في غير هذه الصورة.
وفي المسالك (لا إشكال في الحكم بها بينهما نصفين، لكن اختلف في سببه، فقيل: لتساقط البينتين بسبب التساوي، فيبقى الحكم كما لو لم تكن بينة، وقيل: لأن مع كل منهما مرجحا باليد على نصفهما فقدمت بينته على ما في يده، وقيل: (لأن يد كل واحد على النصف، وقد