(أما لو كان غائبا لم يعده الحاكم حتى يحرر) المدعي (دعواه) بخلاف الأول (والفرق) بينهما (لزوم المشقة في الثاني) ويمكن أن تكون غير مسموعة، فمشروعية الارسال عليه قبل تحريرها مشقة وضرر وحرج (وعدمها في الأول) الذي هو حاضر، إذ لا مشقة عليه بالحضور.
لكن لا يخفى عليك ما فيه، ضرورة أنه إن كان مجرد الدعوى حقا وإن لم تحرر لم يكن فرق بين الحاضر والغائب، ولعله لذا أطلق المصنف في النافع وجوب أعداء الحاكم للمستعدي باحضار خصمه، وإلا لا يجوز إحضاره قبل تحرير الدعوى، كما عن بعض المتأخرين احتماله، خصوصا بعد ترتب ما سمعته من التعزير عليه، بل في الرياض وله وجه، إلا أن الاجماع الظاهر والمحكي حتى في كلامه كفانا مؤونة البحث في ذلك، سيما مع اعتضاده بما ذكر من أن ذلك كان معمولا به في الزمن السابق إلى الآن من غير إنكار.
لكن الانصاف أنه لا يخفى عليك ما في دعوى الاجماع في أمثال هذه المسائل، على أن المحكي عن الفاضل في المختلف عدم وجوب إحضار الغائب بعد تحرير الدعوى، بل الحاكم يطلب من المدعي إثبات حقه، فإذا ثبت أحضر، فإن حضر وإلا باع ماله ودفعه إلى المدعي، نعم لو لم يتمكن من الاثبات وطلب الخصم إحضاره لتحليفه أو كان معه المال بعث حينئذ في طلبه، وإليه يرجع ظاهر ما عن الجامع وصريح الإسكافي من أنه لم يجب إحضاره إلا بعد أن يثبت المستعدي حقه عند الحاكم.
إلا أن ظاهرهما إحضاره حينئذ من دون ذكر بيع ماله إن لم يحضر، فيتفق الثلاثة حينئذ على اعتبار إثبات الحق في وجوب الاحضار في الغائب، ولعله للأصل وغيره بعد عدم الاجماع فيه بخلافه في الحاضر، اللهم إلا