الأولوية في ذلك المكان حتى يحصل له هذا التسلط، حتى أن بعض العامة جوز المدافعة والمقاتلة في المنع (1).
وفرع على ذلك الإشكال في أن جواز الدفع وكراهة المرور بين يديه هل هو مختص بمن استتر لأنه لم يقصر في حق نفسه ولم يضيعه حيث جعل لنفسه ما يحصل له الحق، بخلاف من لم يجعل لنفسه ذلك، فإنه قد ضيع حق نفسه، فإن في بعض الأخبار أنه لا تضر المارة بعد وضع السترة، مثل صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام: عن الرجل يصلي وأمامه حمار واقف، قال: " يضع بين يديه وبينه قصبة أو عودا أو شيئا يقيمه بينهما ثم يصلي فلا بأس " (2)، أو مطلق، نظرا إلى إطلاق حسنة الحلبي (3) وغيرها من الأخبار (4)؟
قال في الذكرى: ويمكن أن يقال بحمل المطلق على المقيد، يعني أن تجويز الدفع إنما هو للمستتر (5).
أقول: وهو بعيد، إذ ظاهر الأوامر في هذه الأخبار رجحان المنع والتحرز عن مضرتها، وهو تابع لما ثبت جوازه، لا أن تلك الأخبار مثبتة للتسلط ومجوزة للتصرف الموصوف، فيكون معناه: اختر مكانا للصلاة لا تتضرر فيه من المارة.
ويؤيده ذكر الكلب والحمار وغيرهما، فإنه لا معنى لدفعهما بسبب الأولوية والأحقية، بل المراد فعل ما يدفع به الضرر، فإبقاؤها على إطلاقها أحسن، فإنك قد عرفت من ملاحظة الأخبار أن السترة أخفى أفراد الدرء والمنع، لا أنه شئ مغاير لها ومباين لها.