ويرد عليه حينئذ بعد عدم الجامع بينهما: أن مقتضى شرطية الطهارة الواقعية، من دون تقيد باحرازها بقائها على الشرطية عند عدم إحرازها، الذي هو موقع التعبد بها، الذي يتعلق به الاحراز المقوم لموضوع الشرطية - فلا محالة - تكون الصلاة المأتي بها مع احراز الطهارة التعبدية فاقدة لشرط واقعي اخر عند فقد الطهارة الواقعية.
والمفروض أن كليهما شرط واقعي لا أن أحدهما، واقعي والاخر فعلي ظاهري ولا يعقل التخيير بين الطهارة الواقعية، وإحراز الطهارة التعبدية، لان مفروض الكلام في هذا الاحتمال إطلاق شرطية الطهارة الواقعية لصورتي إحرازها وعدمه، ومع اجتماع شرطيتهما في صورة عدم احراز الطهارة الواقعية كيف يعقل التخيير بينهما في الشرطية؟
ثالثها: أن يكون إحراز الطهارة الواقعية وجدانا شرطا واقعيا، وإحراز الطهارة الواقعية تعبدا شرطا ظاهريا فعليا، فيندفع النقض المتقدم لكون نفس إحرازها وجدانا شرطا واقعيا لكنه يرد على النقض بما إذا اعتقد النجاسة، وصلى بحيث تحقق منه قصد القربة للغفلة عن مانعيتها، لا عن أصلها، وكان في الواقع طاهرا، فان صلاته لاقترانها بجميع شرائطها صحيحة، مع أنه لم يحرز الطهارة - وجدانا ولا تعبدا - مضافا إلى أنه لا دليل على التعبد بالاحراز، ليكون الاحراز تعبديا، بل الأدلة متكفلة للتعبد بالطهارة، واحراز التعبد بها وجداني لا تعبدي، فالتعبد بالاحراز إنما يتحقق إذا كان دليل الامارة متكفلا لتنزيل الامارة منزلة العلم، لا تنزيل مؤداها منزلة الواقع.
وكذا تنزيل اليقين السابق - في الاستصحاب - بنفسه منزلة اليقين بالفعل، لا تنزيل المتيقن منزلة الواقع، مع أنه ليس في مورد قاعدة الطهارة شئ ينزل منزلة العلم، حتى يكون من باب جعل - إحراز الطهارة الواقعية تعبدا - شرطا فعليا، بل ليس فيها الا التعبد بالطهارة