والثاني بلا موجب إلا توهم استحالة منجزية أمر متأخر لحكم متقدم، وهو غير لازم هنا، إذ لا نقول بأن جزئية السورة منجزة قبل قيام الحجة - بسبب قيامها فيما بعد - بل اثر تنجز جزئية السورة فعلا تدارك ما وقع قبلا فان كلفة جزئية السورة مطلقا اتيانها حالا، وتدارك الخالي عنها قبلا وكلاهما أثر فعلي فلم يتقدم التنجز على المنجز.
وأما توضيح الحال بعد انكشاف الخلاف حكما وتعبدا من حيث نقض الأعمال السابقة فنقول: إذا كان مؤدى الاجتهاد السابق ما قامت عليه امارة شرعية كالخبر مثلا فإما أن نقول بحجيتها من باب الطريقية أو الموضوعية.
فان قلنا بالطريقية فعلى اي حال يجب نقض الآثار، فان حجيتها - على هذا الوجه - إما أن لا تتضمن انشاء طلبيا أصلا كما إذا اعتبر لها عنوان الحجية والمنجزية للواقع، وإما أن تتضمن انشاء طلبيا: فهو إما أن يكون بداعي تنجيز الواقع فكالأول لا شأن لها إلا تنجيز الواقع عند المصادفة، وإما أن يكون بداعي جعل الداعي - بعنوان ايصال الواقع - فلا محالة يكون مقصورا على صورة مصادفة الواقع.
فعلى أي تقدير لا حكم حقيقي في صورة المخالفة حتى يكون موافقته موافقة تكليف فعلى ظاهري.
وإن قلنا بالموضوعية فمقتضاها اشتمال الفعل المأتي به - بعنوان ثانوي - على المصلحة المغايرة لمصلحة الواقع، لا أن تلك المصلحة المغايرة لمصلحة الواقع تارة تكون مسانخة لها بحيث تقوم مقامها، وأخرى لا تكون كذلك.
وحيث أن تلك المصلحة لم يفرض مقابلتها لمصلحة الواقع فلا وجه لدعوى الغلبة الموجبة لسقوط مصلحة الواقع عن التأثير حتى يتوهم التصويب على الموضوعية كما مر قريبا.
فان كان جعل الحكم المماثل على طبق مؤدى الامارة منبعثا عن مصلحة بدلية، فلا محالة يقتضي الاجزاء ولا مجال للنقض بالإعادة والقضاء.