وأما في الفرض الذي صححناه فقد عرفت أن معنى تدارك المفسدة اندكاكها واضمحلالها في جنب المصلحة، وعليه فلا محالة ينتفي الحكم الواقعي بانتفاء ملاكه.
وكونه ذا ملاك - لولا قيام الامارة - لا يوجب ثبوت الحكم حتى بثبوت المقتضي، إذ لا مقتضي على الفرض.
وأما ما أفاده - قدس سره - من ثبوت الحكم الواقعي المنزل المتعلق بالعباد.
فان أريد منه الحكم المرتب على موضوعه بنحو القضية الحقيقية، فلا بد من أن يكون في الموضوع - إذا لوحظ فانيا في مطابقه من مصلحة أو مفسدة، فمع عدمها لفرض زوالها - فيما قامت الأمارة على خلافه - يكون الالتزام بالحكم التزاما بالمعلول بلا علة.
وإن أريد أن عنوان الموضوع - المحكوم عليه بحكم ظاهري - متقيد بما يقتضي وجود الحكم الواقعي، فكيف ينافيه بأنه التزام بثبوت الحكم عنوانا لا حقيقة ولا ملاكا.
ومنه يظهر أنه لا معنى لثبوته بحيث إذا علم به لا يعذر فيه، إذ قد عرفت استحالة ثبوته مع عدم الملاك، وفرض العلم فرض ثبوته بالعلم، لاختصاص ملاكه الفعلي بصورة العلم أو عدم قيام الامارة، وليس معنى ثبوت الحكم المشترك ثبوته الشأني أو بشأنية ملاكه.
ثالثها: أن يكون الفعل على ما فيه من المصلحة الواقعية ولا يوجب قيام الامارة مصلحة فيه، بل المصلحة في الامر بتطبيق العمل على الامارة كما في بعض عباراته - قدس سره - أو في نفس تطبيق العمل كما في جل عباراته - قدس سره -.
وعدم لزوم التصويب على الأول، واضح حيث أن مصلحة الفعل على ما هي عليه، من دون حدوث صفة أخرى غالبة عليها في نفس الفعل.