ويصح أن يقال بعدم الاجزاء عند انكشاف الخلاف، غاية الامر أنه في الصورة الأخيرة من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
أقول أولا: أنه مبني على تعدد المصالح لا تعدد مراتب مصلحة الصلاة، إذ لو كانت مراتبها مختلفة لكان الإتيان بها في وقت الفضيلة مشتملا على المصلحة بالمرتبة العليا وهي بنفسها لزومية وبحدها غير لزومية، فلا أثر لانكشاف الخلاف لاستحالة حصول حدها دون أصلها، وكان الاتيان بها في الوقت دون وقت الفضيلة مشتملا على المصلحة بالمرتبة اللازمة بحدها، ولا أثر أيضا لانكشاف الخلاف وإن كان اتيانها في خارج الوقت مشتملا على المصلحة بمرتبة لزومية دون تلك المرتبة.
وثانيا: أن دليل التعبد بالامارة إذا كان متكفلا لحكم حقيقي وبعث جدي فلا محالة يكون مماثلا لمؤداها، فإذا أدت إلى وجوب صلاة الجمعة كان مقتضى التبعد بها ايجاب الجمعة، وان كان هذا الواجب في وقت الفضيلة مشتملا على مصلحة غير لزومية ويكون الفرد المأتي به في هذا الوقت أفضل الافراد.
ولا يعقل انبعاث الايجاب المماثل عن خصوص المصلحة الغير اللزومية، كما لا معنى لجعل الاستحباب بالتعبد بالامارة الحاكية عن وجوب الجمعة في تمام الوقت بعنوان أنه الواقع.
وثالثا: أن مقتضى التقدير بمقدار الفوت انه لو اتى بالجمعة مثلا في غير وقت الفضيلة وانكشف الخلاف في جزء من الوقت لكان اللازم عدم كونها مأمورا بها أصلا حيث إنه لم يفت منه شئ بسبب التعبد بالامارة، وحيث أن الفعل حينئذ غير مشتمل على مصلحة أصلا يستحيل أن يكون واجبا، للزوم المعلول بلا علة.
مع أنه خلاف دليل التعبد بالامارة، ولا يمكن الالتزام بكون مفاد دليل التعبد حكما حقيقيا تارة، وحكما طريقيا لتنجيز الواقع أخرى، فتدبر جيدا.