عن مقام الوحي - فدقيق، كما ربما تلهج به الألسن، من أن الحكم الكذائي ثابت في اللوح المحفوظ فالوحي مسبوق بجعله، واتباع نبينا صلى الله عليه وآله - حينئذ - ل يس لما أوحي به إلى النبي السابق، بل من حيث أنه ثابت في اللوح المحفوظ - بما هو حكمه تعالى - والوحي به إلى نبينا صلى الله عليه وآله، كالوحي به إلى سائر الأنبياء، ولا تابعية لنبي بالإضافة إلى نبي آخر في هذا الحكم الوحداني.
وليس الوحي به الا تبليغه، لا جعله واثباته لكن حيث أن اللوح المحفوظ عند أهله، عالم النفس الكلية الموجودة فيها صورة ما في عالم العقل الكلي - بنحو الفرق والتفصيل - فليس وجود كل ما فيها الا بوجود النفس الكلية لا بوجود ذلك الشئ الخاص به في نظام الوجود، فالحكم بحقيقة الحكمية، وبوجوده الخاص به غير موجود في ذلك المقام الشامخ، ولا في شئ من المبادي العالية فضلا عن مبدء المبادي وإن كان علمه تعالى بل علوم المبادئ علوما فعلية، ولها المبدئية لذلك الحكم، ولغيره، وبقية الكلام في محله فراجع (1).
وأما الإرادة التشريعية في المبدأ الأعلى، أو في المبادئ العالية، فلو كانت ، لكان إنشاء الحكم مسبوقا بها، فيعقل انبعاث الانشاءات المتعددة في مقامات الوحي عن تلك الإرادة الواحدة.
الا أنك قد عرفت مرارا أنه لا اثر من الإرادة التشريعية في صفاته الذاتية تعالى شأنه.
وأما في مقام الفعل، فإرادته التشريعية عين جعل الحكم، وقد مر أيضا عدم الإرادة التشريعية في المبادي العالية لوجه مشترك بينها، وبين المبدأ الأعلى فراجع.
مع أن استصحاب الإرادة التشريعية لا يجدي شيئا، إذ ليست بنفسها من الأحكام المجعولة، حتى يكون التعبد ببقائها جعلها ظاهرا، ولا اثر شرعي لها،