الامر دلالة الرواية على الحكم بطهارة مستمرة إلى زمان العلم بالقذارة وليس كل استمرار استصحابا، بل الاستمرار الواقع طرفا للحكم، فالحكم باستمرار الطهارة، وبابقائها هو الاستصحاب، لا الحكم بطهارة مستمرة إلى أن يتبدل الموضوع بنقيضه، وعدم الجامع بين الحكم بالطهارة والحكم باستمرارها وابقائها واضح، وعدم امكان كون الظاهر وجودا لهذين المعنيين المتباينين أيضا في غاية الوضوح مضافا إلى أن الحكم المجعول أولا، المطلوب استمراره، حيث أنه حكم ظاهري، فليس الحكم باستمراره من استصحاب الطهارة، فان استصحاب الطهارة - في قبال قاعدة الطهارة - هو الحكم بابقاء الطهارة الواقعية تعبدا.
وأما بقاء الطهارة الظاهرية الثابتة بقاعدة الطهارة فببقاء موضوعها وهو الشك.
وأما ما أورده عليه شيخنا الأعظم - قده - في الرسائل من أن الغاية من توابع الحكم الأول الذي هو موضوع للحكم بالاستمرار، فإذا كانت غاية للحكم الثاني أيضا - كما هو المفروض - لزم تقدم الشئ على نفسه.
فيمكن دفعه: بأن وحدة الغاية ليست شخصية حتى يلزم من اخذها في موضوع الحكم الثاني تقدم الشئ على نفسه، بل وحدة عمومية تنطبق على كل غاية لكل حكم ظاهري.
فإذا فرض هناك جامع بين الحكمين، وفرض إمكان الجمع بين الحكمين، كانت الغاية غاية لكلا الحكمين، فلا اشكال من حيث وحدة الغاية، بل من حيث عدم الجامع بين الحكمين، حتى تكون الغاية الجامعة غاية للجامع، ومن حيث عدم إمكان الجامع بين الحكمين، حتى تكون الغاية غاية لكل منهما، كما إذا ذكر كل منهما في الكلام وتعقبهما غاية واحدة.
وأما توهم أن الغاية: في قاعدة الطهارة - قيد للموضوع، وفي الاستصحاب قيد للمحمول ومقتضى قيديتها للمحمول ملاحظة الموضوع مجردا عن القيد، والجمع بين التجريد والتقييد في لحاظ الموضوع جمع بين المتنافيين.