دليل. ثم استدل على التخيير مع الضيق والضرورة بأن وجوب القبول من الغير لم يقم عليه دليل والصلاة إلى الجهات الأربع منفي لكون الحال حال الضرورة فيثبت التخيير وجوابه معلوم من حجة القول المشهور المتقدمة. إلا أن المسألة لعدم النص لا تخلو من شوب الاشكال وإن كان القول المشهور لا يخلو من قوة لما علم من الاعتماد على الظن في مسألة القبلة مع ما عرفت من سعة الأمر فيها.
وربما يستدل هنا على وجوب التقليد للأعمى وعدم وجوب الصلاة إلى أربع جهات بالأخبار الدالة على جواز إمامته في الصلاة كصحيحة عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " لا بأس أن يؤم الأعمى القوم وإن كانوا هم الذين يوجهونه " وصحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) في حديث قال: " قلت له أصلي خلف الأعمى؟ قال نعم إذا كان له من يسدده وكان أفضلهم " ونحوهما رواية السكوني (3).
والظاهر أنه ليس كذلك فإن هنا مقامين: (الأول) أن تكون القبلة معلومة في حد ذاتها لا تحتاج إلى اجتهاد لكنها بالنسبة إلى الأعمى غير معلومة على السمت الذي تجب الصلاة له فيحتاج إلى من يسدده ويرشده وهذا هو مورد الأخبار المذكورة، والظاهر أن الشيخ لا يخالف في هذه الصور ويوجب عليه الصلاة إلى أربع جهات ويطرح هذه الأخبار من غير معارض (الثاني) أن تكون القبلة مجهولة تحتاج إلى اجتهاد وهذا هو موضوع المسألة، فهل يجوز للأعمى الرجوع إلى من حصل القبلة باجتهاده أو يجب عليه الصلاة إلى أربع جهات؟ والأخبار المذكورة لا دلالة لها على هذه الصورة بل موردها الصورة الأولى. وبذلك يظهر ما في كلام جملة من الأصحاب هنا: منهم السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة من أن المراد بالتقليد هنا قبول قول الغير سواء كان مستندا إلى الاجتهاد أو اليقين، فإنه بظاهره شامل لما ذكرنا من المقام