الحرام (1) قال معنى " شطره " نحوه إن كان مرئيا وبالدلائل والأعلام إن كان محجوبا، فلو علمت القبلة لوجب استقبالها والتولي والتوجه إليها ولو لم يكن الدليل عليها موجودا حتى تستوي الجهات كلها فله حينئذ أن يصلي باجتهاده حيث أحب واختار حتى يكون على يقين من الدلالات المنصوبة والعلامات المثبوتة، فإن مال عن هذا التوجه مع ما ذكرناه حتى يجعل الشرق غربا والغرب شرقا زال معنى اجتهاده وفسد حال اعتقاده " قال: وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) خبر منصوص مجمع عليه أن الأدلة المنصوبة على بيت الله الحرام لا يذهب بكليتها حادثة من الحوادث منا من الله تعالى على عباده في إقامة ما افترض عليهم أقول: الظاهر - والله سبحانه وقائله أعلم - من قوله: " فإن مال عن هذا التوجه " أي أنه بعد توجهه بالاجتهاد إلى جهة أدى إليها اجتهاده فإن ظهر له بعد ذلك الميل عن القبلة على وجه يكون مستدبر القبلة بأن جعل الشرق في موضع الغرب والغرب في موضع الشرق أو محض اليمين واليسار فإنه يصدق أيضا ذلك في الجملة فقد ظهر فساد اجتهاده وفساد اعتقاده فتجب الإعادة عليه وسيجئ تحقيق الكلام في ذلك. وأما ما نقله (عليه السلام) من الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله) فلعل المراد بتلك الأدلة هي النجوم، وقد روى العياشي في تفسيره عن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) (2) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " وبالنجم هم يهتدون " هو الجدي لأنه نجم لا يزول وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البر والبحر " ويمكن أن يستفاد من هذا الخبر حصول العلم بالجهة بالدلائل التي ذكرها علماء الهيئة كما هو الظاهر من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) وليس بذلك البعيد كما قدمنا الإشارة إليه وإن قلنا بعدم وجوب التكليف به، لما عرفت مما قدمنا نقله عن جملة من أفاضل متأخري المتأخرين وإن كان أفاضل المتأخرين على خلافه
(٣٩٧)