فمنها ما دل على أنها أربع وثلاثون وهذا هو المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) بل نقل الشيخ فيه الاجماع، ومنها ما دل على أنها ثلاث وثلاثون باسقاط الوتيرة بعد العشاء، ومنها ما دل على أنها تسع وعشرون باسقاط أربع قبل العصر مضافة إلى الوتيرة، ومنها ما دل على أنها سبع وعشرون باسقاط ركعتين من نافلة المغرب زيادة على ما ذكر، والوجه في الجمع بينها في ذلك - كما ذكره جملة من أصحابنا - أن يحمل الفرد الأقل على ما كان أوكد استحبابا إذ الأمر بالأقل لا يوجب نفي استحباب الأكثر، نعم ربما أوهم صحيح زرارة المتقدم - لقوله فيه " أخبرني عما جرت به السنة في الصلاة " فأجابه بأن جميع ما جرت به السنة ما عده وهو سبع وعشرون - خلاف ذلك فإن الظاهر نفي السنة والتوظيف عما عدا السبع والعشرين، والشيخ (قدس سره) قد حمل الرواية المذكورة على أنه سوغ ذلك لزرارة لعذر كان فيه. ولا يخلو من بعد بل الأظهر الحمل على السنة المؤكدة التي لا مرتبة بعدها في النقصان، ويشير إلى ذلك رواية ابن أبي عمير (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما جرت به السنة من الصلاة؟ فقال تمام الخمسين " والتقريب فيها أن النوافل منها بعد اخراج الفرائض ثلاث وثلاثون باسقاط الوتيرة لأنها ليست من الرواتب وإنما زيدت عليها ليتم بها عدد النوافل بأن يكون بإزاء كل ركعة من الفريضة ركعتان من النافلة، فهذه هي المرتبة العليا في الفضل وإن جاز النقصان فيها من حيث التوظيف منتهيا إلى السبع والعشرين التي هي السنة المؤكدة لا مرتبة دونها.
بقي الاشكال هنا في موضعين: (الأول) أن أكثر الأخبار دل على أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن يصلي الوتيرة التي بعد العشاء وأنه كان بعد صلاة العشاء يأوي إلى فراشه إلى نصف الليل. وأظهر منها ما رواه الصدوق في كتاب العلل عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) في حديث في الوتيرة " قال فقلت هل صلى رسول الله