القول بالمسح، وما أخرجه ابن أبي شيبة عن علي أنه قال: سبق الكتاب الخفين فهو منقطع. وقد روى عنه مسلم والنسائي القول به بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وما روي عن عائشة أنها قالت: لأن أقطع رجلي أحب إلي من أن أمسح عليهما ففيه محمد بن مهاجر، قال ابن حبان: كان يضع الحديث. وأما القصة التي ساقها الأمير الحسين في الشفاء وفيها المراجعة الطويلة بين علي وعمر واستشهاد على الاثنين وعشرين من الصحابة فشهدوا بأن المسح كان قبل المائدة فقال ابن بهران: لم أر هذه القصة في شئ من كتب الحديث.
ويدل لعدم صحتها عند أئمتنا أن الإمام المهدي نسب القول بمسح الخفين في البحر إلى علي عليه السلام، وذهبت العترة جميعا والإمامية والخوارج وأبو بكر بن داود الظاهري إلى أنه لا يجزي المسح عن غسل الرجلين، واستدلوا بآية المائدة وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن علمه: واغسل رجلك ولم يذكر المسح. وقوله بعد غسلهما: لا يقبل الله الصلاة من دونه وقوله: ويل للأعقاب من النار قالوا: والاخبار بمسح الخفين منسوخة بالمائدة. وأجيب عن ذلك، أما الآية فقد ثبت عنه (ص) المسح بعدها كما في حديث جرير المذكور في الباب: وأما حديث: واغسل رجلك فغاية ما فيه الامر بالغسل وليس فيه ما يشعر بالقصر، ولو سلم وجود ما يدل على ذلك لكان مخصصا بأحاديث المسح المتواترة. وأما حديث لا يقبل الله الصلاة بدونه فلا ينتهض للاحتجاج به، فكيف يصلح لمعارضة الأحاديث المتواترة مع أنا لم نجده بهذا اللفظ من وجه يعتد به؟ وأما حديث: ويل للأعقاب من النار فهو وعيد لمن مسح رجليه ولم يغسلهما ولم يرد في مسح الخفين. فإن قلت هو عام فلا يقصر على السبب. قلت: لا نسلم شموله لمن مسح على الخفين فإنه يدع رجله كلها ولا يدع العقب فقط. سلمنا فأحاديث المسح على الخفين مخصصة للماسح من ذلك الوعيد وأما دعوى النسخ فالجواب أن الآية عامة أو مطلقة باعتبار حالتي لبس الخف وعدمه، فتكون أحاديث الخفين مخصصة أو مقيدة فلا نسخ. وقد تقرر في الأصول رجحان القول ببناء العام على الخاص مطلقا. وأما من يذهب إلى أن العام المتأخر ناسخ فلا يتم له ذلك إلا بعد تصحيح تأخر الآية وعدم وقوع المسح بعدها. وحديث جرير نص في موضع النزاع والقدح في جرير بأنه فارق عليا ممنوع فإنه لم يفارقه وإنما احتبس عنه بعد إرساله إلى معاوية لأعذار، على أنه قد نقل الامام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير الاجماع على قبول