عليه وآله وسلم فقال: ارجع فأحسن وضوءك، قال: فرجع فتوضأ ثم صلى رواه أحمد ومسلم ولم يذكر فتوضأ.
الحديث الأول أعله المنذري ببقية بن الوليد وقال عن بجير وهو ضعيف إذا عنعن لتدليسه. وفي المستدرك تصريح بقية بالتحديث، وقال ابن القطان والبيهقي: هو مرسل.
وقال الحافظ: فيه بحث، وكأن البحث في ذلك من جهة أن خالد بن معدان لم يرسله بل قال عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوصله، وجهالة الصحابي غير قادحة، وتمام كلام الأثرم وبقية الكلام على الحديث أسلفناها في باب غسل الرجلين. وحديث عمر قد قدمنا الكلام عليه في ذلك الباب أيضا. وفي الباب عن أنس مرفوعا عند أحمد وأبي داود وابن ماجة وابن خزيمة والدارقطني، وقد تقدم لفظه هنالك أيضا. والحديث الأول يدل على وجوب إعادة الوضوء من أوله على من ترك من غسل أعضائه مثل ذلك المقدار. والحديث الثاني لا يدل على وجوب الإعادة لأنه أمره فيه بالاحسان لا بالإعادة، والاحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو. وكذلك حديث أنس لم يأمر فيه بسوي الاحسان. فالحديث الأول يدل على مذهب من قال بوجوب الموالاة، لأن الامر بالإعادة للوضوء كاملا للاخلال بها بترك اللمعة وهو الأوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي في قول له. والحديث الثاني وحديث أنس السابق يدلان على مذهب من قال بعدم الوجوب وهم العترة وأبو حنيفة والشافعي في قول له، والتمسك لوجوب الموالاة بحديث ابن عمر وأبي بن كعب أنه صلى الله عليه وآله وسلم توضأ على الولاء وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به أظهر من التمسك بما ذكره المصنف في الباب لولا أنه غير صالح للاحتجاج كما عرفناك في شرح حديث عثمان لا سيما زيادة قوله: لا يقبل الله الصلاة إلا به وقد روي بلفظ: هذا الذي افترض الله عليكم بعد أن توضأ مرة، ولكنه قال ابن أبي حاتم: ثم سألت أبا زرعة عن هذا الحديث فقال:
حديث واه منكر ضعيف، وقال مرة: لا أصل له وامتنع من قراءته. ورواه الدارقطني في غرائب مالك. قال الحافظ: ولم يروه مالك قط وروي بلفظ: هذا وضوء لا يقبل الله غيره أخرجه ابن السكن في صحيحه من حديث أنس. وقد أجيب عن الحديث على تسليم صلاحيته للاحتجاج بأن الإشارة هي إلى ذات الفعل مجردة عن الهيئة والزمان، وإلا لزم وجوبهما ولم يقل به أحد.