ورواه أبو داود وزاد: فقال جرير لما سئل هل كان ذلك قبل المائدة أو بعدها؟
ما أسلمت إلا بعد المائدة. وكذلك رواه الترمذي من طريق شهر بن حوشب قال: فقلت له: أقبل المائدة أم بعدها؟ فقال جرير: ما أسلمت إلا بعد المائدة. وعند الطبراني من رواية محمد بن سيرين عن جرير أنه كان في حجة الوداع، قال الترمذي: هذا حديث مفسر، لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول مسح النبي (ص) على الخفين أنه كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخا. والحديث يدل على مشروعية المسح على الخفين، وقد نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف، لأن كل من روى عنه منهم إنكاره فقد روى عنه إثباته. وقال ابن عبد البر: لا أعلم من روى عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك، مع أن الروايات الصحيحة مصرحة عنه بإثباته، وقد أشار الشافعي في الام إلى إنكار ذلك على المالكية، والمعروف المستقر عندهم الآن قولان: الجواز مطلقا ثانيهما للمسافر دون المقيم. وعن ابن نافع في المبسوطة أن مالكا إنما كان يتوقف فيه في خاصة نفسه مع إفتائه بالجواز. قال ابن المنذر: اختلف العلماء أيهما أفضل: المسح على الخفين أو نزعهما وغسل القدمين؟ والذي أختاره أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض، قال: وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه انتهى. قال النووي في شرح مسلم: وقد روي المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة، قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله (ص) أن رسول الله (ص) كان يمسح على الخفين، أخرجه عنه ابن أبي شيبة، قال الحافظ في الفتح: وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة. وقال الإمام أحمد: فيه أربعون حديثا عن الصحابة مرفوعة، وقال ابن أبي حاتم: فيه عن أحد وأربعين. وقال ابن عبد البر في الاستذكار: روى عن النبي (ص) على الخفين نحو أربعين من الصحابة. وذكر أبو القاسم ابن منده أسماء من رواه في تذكرته فكانوا ثمانين صحابيا. وذكر الترمذي والبيهقي في سنتهما منهم جماعة. وقد نسب القول بمسح الخفين إلى جميع الصحابة كما تقدم عن ابن المبارك، وما روي عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة من إنكار المسح فقال ابن عبد البر: لا يثبت، قال أحمد:
لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح وهو باطل، وقد روى الدارقطني عن عائشة