رواية فاسق التأويل في عواصمه وقواصمه من عشر طرق، ونقل الاجماع أيضا من طرق أكابر أئمة الآل وأتباعهم على قبول رواية الصحابة قبل الفتنة وبعدها، فالاسترواح إلى الخلوص عن أحاديث المسح بالقدح في ذلك الصحابي الجليل بذلك الامر مما لم يقل به أحد من العترة وأتباعهم وسائر علماء الاسلام. وصرح الحافظ في الفتح بأن آية المائدة نزلت في غزوة المريسيع، وحديث المغيرة الذي تقدم وسيأتي كان في غزوة تبوك وتبوك متأخرة بالاتفاق. وقد صرح أبو داود في سننه بأن حديث المغيرة في غزوة تبوك، وقد ذكر البزار أن حديث المغيرة هذا رواه عنه ستون رجلا.
واعلم أن في المقام مانعا من دعوى النسخ لم يتنبه له أحد فيما علمت، وهو أن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالاتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتا قبل نزولها فورودها بتقرير أحد الامرين أعني الغسل مع عدم التعرض للآخر وهو المسح لا يوجب نسخ المسح على الخفين، لا سيما إذا صح ما قاله البعض من أن قراءة الجر في قوله في الآية * (وأرجلكم) * (المائدة: 6) مراد بها مسح الخفين، وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزولها فلا نسخ بالقطع. نعم يمكن أن يقال على التقدير الأول أن الامر بالغسل نهي عن ضده، والمسح على الخفين من أضداد الغسل المأمور به، لكن كون الامر بالشئ نهيا عن ضده محل نزاع واختلاف، وكذلك كون المسح على الخفين ضد الغسل وما كان بهذه المثابة حقيق بأن لا يعول عليه، لا سيما في إبطال مثل هذه السنة التي سطعت أنوار شموسها في سماء الشريعة المطهرة. والعقبة الكؤود في هذه المسألة نسبة القول بعدم إجزاء المسح على الخفين إلى جميع العترة المطهرة كما فعله الإمام المهدي في البحر، ولكنه يهون الخطب بأن إمامهم وسيدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من القائلين بالمسح على الخفين، وأيضا هو إجماع ظني، وقد صرح جماعة من الأئمة منهم الامام يحيى بن حمزة بأنها تجوز مخالفته. وأيضا فالحجة إجماع جميعهم، وقد تفرقوا في البسيطة وسكنوا الأقاليم المتباعدة، وتمذهب كل واحد منهم بمذهب أهل بلده، فمعرفة إجماعهم في جانب التعذر. وأيضا