نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه متفق عليه.
قوله: فأفرغ على كفيه ثلاث مرات هذا دليل على أن غسلهما في أول الوضوء سنة. قال النووي: وهو كذلك باتفاق العلماء، وقد أسلفنا الكلام عليه في الباب الذي قبل هذا.
قوله: فمضمض المضمضة هي أن يجعل الماء في فيه ثم يديره ثم يمجه، قال النووي: وأقلها أن يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على المشهور عند الجمهور، وعند جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم أن الإدارة شرط والمعول عليه في مثل هذا الرجوع إلى مفهوم المضمضة لغة وعلى ذلك تنبني معرفة الحق. والذي في القاموس وغيره أن المضمضة تحريك الماء في الفم. قوله:
واستنثر في رواية للبخاري واستنشق والاستنثار أعم قاله في الفتح. قال النووي: قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون: الاستثنار هو إخراج الماء من الانف بعد الاستنشاق. وقال ابن الأعرابي وابن قتيبة: الاستنثار هو الاستنشاق، قال: قال أهل اللغة هو مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف. وقال الخطابي وغيره: هي الانف والمشهور الأول، قال الأزهري: روى سلمة عن الفراء أنه يقال: نثر الرجل وانتثر واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة انتهى. وفي القاموس: استنثر استنشق الماء ثم استخرج ذلك بنفس الانف كانتثر. وقال في الاستنشاق: استنشق الماء أدخله في أنفه. إذا تقرر لك معنى المضمضة والاستنثار والاستنشاق لغة فاعلم أنه قد اختلف في الوجوب وعدمه، فذهب أحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر، ومن أهل البيت الهادي والقاسم والمؤيد بالله إلى وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار، وبه قال ابن أبي ليلى وحماد بن سليمان. وفي شرح مسلم للنووي أن مذهب أبي ثور وأبي عبيد وداود الظاهري وأبي بكر بن المنذر ورواية عن أحمد أن الاستنشاق واجب في الغسل والوضوء والمضمضة سنة فيهما، وما نقل من الاجماع على عدم وجوب الاستنثار متعقب بهذا. واستدلوا على الوجوب بأدلة منها أنه من تمام غسل الوجه فالامر بغسله أمر بها. وبحديث أبي هريرة المتفق عليه: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر وبحديث سلمة بن قيس عند الترمذي والنسائي بلفظ: إذا توضأت فانتثر وبما أخرج أحمد والشافعي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي وأهل السنن الأربع من حديث لقيط بن صبرة في حديث طويل وفيه: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما وفي رواية من هذا الحديث: إذا توضأت