كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ومثله حديث عبد الله الصنابحي عند مالك والنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له والمراد بالخطايا قال النووي وغيره الصغائر. وظاهر الأحاديث العموم والتخصيص بما وقع في الأحاديث الاخر بلفظ: ما لم تغش الكبائر وبلفظ: ما اجتنبت الكبائر قد ذهب إليه جماعة من شراح الحديث وغيرهم. والمراد بالخرور والخروج مع الماء المجاز عن الغفران لأن ذلك مختص بالأجسام والخطايا ليست متجسمة. وفي حديث الباب وما بعده رد لمذهب الامامية في وجوب مسح الرجلين.
وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى الحديث للاستدلال به على غسل المسترسل من اللحية لقوله فيه: إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء وفيه خلاف فذهب المؤيد بالله وأبو طالب وأبو حنيفة إلى عدم الوجوب إن أمكن التخليل بدونه، وذهب أبو العباس إلى وجوبه وهو مذهب الشافعي في إحدى الروايات، واستدلوا بالقياس على شعر الحاجبين ورد بأن شعر الحاجب من الوجه لغة لا المسترسل. وقد استنبط المصنف رحمه الله تعالى من الحديث فوائد فقال: فهذا يدل على أن غسل الوجه المأمور به يشتمل على وصول الماء إلى أطراف اللحية. وفيه دليل على أن داخل الفم والأنف ليس من الوجه حيث بين أن غسل الوجه المأمور به غيرهما، ويدل على مسح كل الرأس حيث بين أن المسح المأمور به يشتمل على وصول الماء إلى أطراف الشعر. ويدل على وجوب الترتيب في الوضوء لأنه وصفه مرتبا، وقال في مواضع منه كما أمره الله عز وجل انتهى. وقد قدمنا الكلام على أن داخل الفم والأنف من الوجه وعلى الترتيب. وسيأتي الكلام على مسح الرأس.