الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٧٥
مقتضاه (1) كون العلم بالمعلول عين وجوده وإذا كان وجود المعلول كلا وجوده لغاية النقص والخسة كان العلم به كلا علم به وهذا معنى قول الفيلسوف المقدم ان العقل الأول يجهل بأشياء جهلا (2) هو (3) أشرف من العلم بها وليس جميع أفاعيل النفس
(١) قد سلم ان العلم بالعلة متحقق لكن العلم بالمعلول ليس متحققا إذ لا يطلق اسم العلم هاهنا والأولى ان يقال العلم بالعلة ليس متحققا بحسب هذه المرتبة الدنية التي عليه النفس فيها فان النفس فاعل بالطبع بالنسبة إلى أفاعليها الطبيعية بعين فاعليه القوى الطبيعية إذ لا بد وأن يكون لها مقام تتصف بصفات الطبائع أيضا واما بالنسبة إلى نفس هذه القوى وان كانت فاعله بالرضا لكن علمها بها حضوري بسيط فان علمها بوجدانها للقوى في مقام ذاتها بنحو أبسط وأعلى نظير العلم الكمالي الاجمالي بالأشياء في الفاعل بالرضاء الحقيقي الواجبي وعلمها بأنحاء وجودات القوى في مقام القوى نظير علمه التفصيلي بالأشياء بنفس وجوداتها لان القوى هاهنا كالأشياء هناك في كونهما روابط محضه بالعالم س ره.
(٢) فان وجود العقل الأول بعينه ليس مرتبه وجود تلك الأشياء المجهولة وإذا كان وجودها هو العلم بها كان وجوده عدم العلم بها وهو الجهل بها ولا ريب ان هذا الجهل وهو وجود العقل الأول أشرف من العلم بها وهو وجود تلك الأشياء فتأمل ل ره.
(٣) لان هذا الجهل فقدان تلك المرتبة المتشابكة بالاعدام عن مرتبه العقل الأول وإن كان فيه تلك المرتبة بوجه أعلى وهذه المرتبة العقلية عين عدم تلك المرتبة الدنية وذلك العدم هو الجهل وذلك الجهل هو المبدء لجميع الموجودات فكان أشرف من العلم الذي هو وجود تلك المرتبة الدنية ويمكن حمل كلام الفيلسوف على أن العقل الأول يجهل ما دون الأول تعالى ولا خبر له عما سواه لاستغراقه في مشاهده جماله وجلاله ولا شك ان الجهل بما سواه تعالى أشرف من العلم بها وقد ورد ان لله تعالى خلقا لا يعلمون انه خلق آدم ولا إبليس.
وجه آخر انسب بمذهب المشائين هو ان الموجودات الطبيعية من حيث هي طبيعية ليست علما للعقل حيث إن وجوداتها للمادة وانها واقعه في الغيبة من حيث التباعد المكاني والتمدد الزماني وبناء العلم على الوجود الصوري النوى والحضور والجمعية فلو كانت علما لزم التغير في علم العقل نعم هي معلومه له بواسطة الصور المرتسمة بل القائمة بذاته قياما صدوريا بل معلومه بالذات بمعنى آخر لان العلوم ما حصل صورته عند العالم وهذا يصدق على ذي الصورة لا على الصورة سيما ان الصورة آله للحاظ ذي الصورة وليست ملحوظة بالذات س ره.